الحروب والمسرطنات والسيارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعتبر هذه العوامل من أكثر مسببات الهلاك المؤكد في الزمن المعاصر، وبينها قاسم مشترك: الطمع البشري. وكل هذه المسببات يمكن بقليل من الحكمة القضاء عليها، والمسألة بسيطة كــ"بونجور"، كما يقول الفرنسيون.

بالنسبة للحروب، فهي لا تقوم إلا على طمع في احتلال موارد الآخر، وتنتهي بكوارث فظيعة، فالموت في الحروب قد يبلغ الملايين من البشر. ولو تأملنا كوكب الأرض، لوجدنا أنه لا توجد بقعة إلا وفيها حرب، أو بذرة حرب، أو قلق من نشوب حرب. حتى الولايات المتحدة الأميركية التي تعتبر أقوى ترسانة عسكرية على وجه الأرض، لا يغمض لها جفن، خوفا من أن تضرب بقنبلة نووية خاطئة أو مقصودة.

 وجميع مؤلفات الفلسفة والزهد، لم تقنع أيًّا من قادة العالم بالقناعة بما آتاه الله من نعم وبحق الآخر في العيش. القرآن الكريم الذي نهانا عن الاعتداء، لم يضعه بعض قادة المسلمين في اعتبارهم، وكأنهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعضه.

والحل لإيقاف هذه الحروب بسيط جدا، بحيث يشترط على كل رئيس دولة أو وزير حرب يخطط لشن هجوم حربي، أن يضع جميع أبنائه على رأس الجيش، بحيث يصبحوا أول من يقتل.. وبالتأكيد لن يجرؤ أحد بعدها على التفكير في البدء بشن الحرب.

أما مرض السرطان، الذي يقضي على الملايين من البشر سنويا، فهو أيضا ضريبة جشع الإنسان، رغم أن هذا المرض ليس حديثا، ولكن نسبته أصبحت في ازدياد مخيف. والأسباب الرئيسية تعود إلى سوء التعامل مع البيئة، فالمصانع البشرية لا تتردد في تلويث الهواء والبحار والأنهار بالمواد السامة، لأجل أن تزيد من أرقام إيراداتها.

وهناك تسميم عن قصد للمواد الاستهلاكية البشرية، سواء في ما يخص المحاصيل الزراعية أو المنتجات الحيوانية بكافة أصنافها، لأسباب فاضحة تدخل في خانة "الطمع البشري". هناك المبيدات الحشرية المستخدمة بإفراط ودون التفات إلى القوانين والأنظمة التشريعية في هذا المجال، وهناك المواد الملونة التي تمزج مع أطعمة الصغار قبل الكبار.

والتي أثبتت الاختبارات أنها مسبب رئيسي لأمراض السرطان المختلفة التي تصيب الأطفال. ومع ذلك، نستمر في بيعها بكميات هائلة، مستخدمين كافة أنواع الدعاية والإعلان لتسريع تصريفها. وهكذا، بينما تزداد حفنة من أصحاب رؤوس الأموال ثراء، تزداد أعداد الموتى في جانب المستهلك.

والحل هنا ليس لدى الحكومات من خلال المراقبة المشددة، ولكن في يد المستهلك الذي يجب أن يثقف نفسه أولا، ومن ثم يتعود قبل شراء أي مادة غذائية على أن يطلع على مكوناتها، وأن يقاطع أي منتج يكتشف أنه غير طبيعي. فهي مسألة ثقافة ووعي، ومسألة تثقيف وتوعية لأبنائنا. لن نتحدث عن التدخين والكحول وغيرها من أسباب الأمراض الخبيثة، فهي تدخل في دائرة الجشع التجاري.

أما السيارات فهي آلة فرم لا تتوقف عن الطحن اليومي. وعندما نتحدث عن دولة الإمارات فقط، ونقارن نسبة وفيات حوادث السيارات مع نسبة عدد السكان، سنجد أننا مسرفون جدا في الموت، وخاصة فئة الشباب الذين هم في مقتبل العمر.

والسبب يعود أولا وأخيرا إلى السرعة الجنونية في القيادة، تحت شعار "إثبات القوة"! وفي كل يوم نقرأ نعيا لشاب لم يتعد العشرين من عمره، وبالأمس القريب ضبطت شرطة دبي شابا يبلغ من العمر 17 عاما، يقود مركبته بسرعة بلغت 270 كم/ الساعة في شوارع دبي.

الحديث عن حوادث السيارات لا ينتهي، ولكن الحل أبسط من "صباح الخير" عند العرب: إلزام وكالات السيارات في الدولة بتحديد السرعة عند حد 120 كم/ الساعة من المصنع، ويتم تعيير سرعات السيارات القديمة لدى شركات متخصصة في هذا الأمر.

وكنا قد تحدثنا في مقالة سابقة عن هذا المقترح، قبل أكثر من سنة، ولو تم بالفعل، لكنا أنقذنا آلاف الأرواح من الهلاك من بين المواطنين والمقيمين والسائحين، ولأصبحت دولة الإمارات أول دولة في العالم تتخذ مثل هذا القرار، وستصبح نموذجا يحتذى ويشاد به. نتمنى من الجهات التي يعنيها الأمر، أن تأخذ هذا المقترح بعين الاعتبار، حفاظا على أبناء الوطن.

 

Email