انكماش عالمي بسبب خفض اليابان عملتها الوطنية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يواصل بنك اليابان المركزي سياسته الهادفةَ إلى خفض قيمة الين الياباني، وهي سياسة ستؤدي من دون أدنى شك في نهاية المطاف إلى خروج اليابان من الحلقة المفرغة من الانكماش الاقتصادي التي تعيشها منذ فترة طويلة في حال استمر البنك في جهوده لتخفيض قيمة الين أكثر فأكثر.

يُعدُّ الاستثمار الأجنبي المباشر والمتواصل في الصين أحدَ الأسباب الرئيسية الخارجية المُسببة للانكماش الاقتصادي في اليابان. أمّا على المستوى الداخلي، فلليابان فائض في قدرة العرض المحلي وهو سبب آخر يفسّر الانكماش الداخلي.

لا شكّ أن قرار الحكومة اليابانية بالعمل على تخفيض قيمة العملة الوطنية جاء متأخراً جداً، ومع ذلك فمن المفترض أن يؤدي هذا القرار إلى الحد من مصادر الانكماش الخارجية والداخلية على حدٍ سواء ولكنه وللأسف سيؤدي إلى مشكلة أكبر من ذلك بكثير وهي الانكماش على مستوى الاقتصاد العالمي.

ومن أجل الخروج من حلقات الانكماش المُفرغة التي تعيشها اليابان يجب عليها تفكيكُ عقيدة الادخار التي يؤمن بها كل من العام والخاص منذ سنوات طويلة. سوف يؤدي وجود ين ضعيف إلى تضخم مؤقت وطفرة في الصادرات ولكن الانكماشَ سيظهر مرة أخرى إذا تواصلت عمليات الادخار.

يفسّرُ الحجم المذهل للاستثمارات الأجنبية المباشرة في الصين على مدى العقود الماضية، والاستثمارات اليابانية المباشرة في جميع أنحاء العالم بصفة خاصة، أنّ لمنتجي السلع القابلة للتصدير، وبسبب قوة الين، التأثيرَ الانكماشي الأكبرَ على الاقتصاد العالمي.

وطالما أن قيمة الين قوية فإن تكاليف التشغيل تبقى أعلى بالمقارنة مع الصين وغيرها من البلدان الآسيوية مثل تايلندا التي نجحت في جذب مليارات الدولارات من الاستثمارات اليابانية المباشرة.

يشكّل كلّ من الطاقة المفرطة وفائض العرض أيضاً مصدرا آخر لمخاطر الانكماش حول العالم. على الصعيد العالمي يقوم كل اقتصاد يعتمد على الصناعة التحويلية بتصدير فائض المعروض إلى الاقتصاديات المماثلة الأخرى.

إلا أنّ الاقتصادَ العالمي يحتاج للاستهلاك بدلاً من الإنتاج أو لِنَقُل التضخم. لقد أجبر التراجعُ الأخير في قيمة الين بالفعل البنوكَ المركزية حول العالم على خفض أسعار الفائدة على أمل تخفيض قيمة عملاتها.

وقد بدأ ذلك مع البنك المركزي الأوربي الذي تجاوز كبرياءه وعمل على خفض أسعار الفائدة وسط كلام عن المزيد من التخفيض في المستقبل القريب، ثمّ تبعته في ذلك بعد وقت قصير البنوكُ المركزية في كل من الهند وأستراليا وكوريا الجنوبية وبعض بلدان أوروبا الشرقية.

لقد أطلقت سياسةُ بنك اليابان المركزي ومن دون أدنى شك شرارةَ المنافسة بين الدول لتخفيض قيمة عملاتها وسوف تقوم المزيد من الدول بذلك في المستقبل.

وسوف يؤدي ضعف الين الياباني إلى تقلبات مفرطة وتحركات غير منتظمة في أسعار صرف العملات والتي يمكن أن تكون لها آثار سلبية على الاستقرار الاقتصادي والمالي لاسيما بالنسبة للدول الأعضاء في منطقة اليورو.

 

 

Email