ياسمين

الإعاقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في مثل هذا اليوم استعدت زميلتي لاستقبال زوارها، وزوارها لهذا اليوم غير عاديين، فهم جاؤوا لخطبتها لولدهم الوحيد، حديث التخرج من الولايات المتحدة الأميركية، كان الارتباك واضحاً على سلوكها وحالة عدم الارتياح بادية على محياها، وأطبق عليها صمت عميق على غير العادة، ولم أجد تفسيراً لذلك غير أن الحياء والخجل يعانقانها، وأنها تريد أن تكون الأجمل والأكثر أناقة في أعين زوارها، وقد يكون كثرة ما تلقت من نصائح من والدتها وخالتها وأيضاً زميلاتها، عليها أن تقتضب في الكلام، وتكون في غاية الذوق والروعة وعليها.. وعليها، قد يكون هذا اليوم إيذاناً بتوديع منزل والدها إلى منزل الزوجية، وبدء حياة مستقلة، كلها تفسيراتي الخاصة لحالة الإرباك لتصرفات زميلتي.

بعد آذان المغرب كان الزوار بالمنزل، تحدثت والدته عن ابنها الوحيد وأخلاقياته وعمله الجديد ودماثة أخلاقه، وقسماته وبعض مواقفه النبيلة، وأسهبت في ذلك، وعندها قررت زميلتي كسر قيود صمتها وخجلها، التفتت إلى والدة الخاطب، طلبت منها أن ترافقها إلى الغرفة المجاورة، وقالت لها هذا أخي وهذه أختي كلاهما مصاب بضمور بالعضلات وتشوه في الدماغ، ووضحت لها أنه وبالرغم من تاريخهم العائلي الذي لا توجد به أية إعاقات، إلا أنها مشيئة الله أن يكون لديها إخوة معاقون، ووضحت الفتاة أن الخاطب هو ابنها الوحيد وقد يكون لديها أحفاد معاقون، الأفضل أن تخطب فتاة أخرى لتجنب انتشار الإعاقة في المجتمع.

حملقت والدة الخاطب في زميلتي وقالت: الإعاقة لا تعني لي شيئاً وهذا قدر إخوتك، وأرى أن تتم الخطبة وعقد القران والزواج ونتوكل على الله، الإعاقة والصحة والمال والحسب والنسب من الله تعالى وهي ابتلاء للمؤمنين، كم أخطأ الطب في إحصائياته وفحوصه ونسب توارث الأمراض، الطب لم يستطع استئصال الزكام والقضاء على الألم، فلنترك أمورنا لله.. فقد اخترتك من بين جميع الفتيات زوجة لابني أتمنى أن توافقي.

تزوجت زميلتي وكانت طوال سنوات زواجها الثلاث والعشرين تخاف من إنجاب أطفال معاقين ولله الحمد رزقت سبعة أبناء أصحاء، أكبرهم تخرج في الجامعة بداية هذا العام ويستعد لزواجه.

Email