هل وصلت الرسالة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما زالت دولة الإمارات سباقة ومختلفة عن غيرها من الدول حتى في تسامحها وصفاء نيتها. والإمارات حكومة وشعباً لا تضع في مبادراتها الإنسانية انتظار أي مردود بأي شكل كان، وإنما تثبت أصالتها العربية الممتدة في عمق صحراء الجزيرة العربية.

وعندما يأمر صاحب السمو رئيس الدولة بالإفراج عن أكثر من مئة محكوم أيا كان الحكم الصادر ضدهم دون صفقة مقابلة، فالواجب أن لا يفسر ذلك على أنه ضعف ولا عجز ولا تخوف ولا انتظار لكلمة شكر أو إحسان من أحد، وإنما تعكس حسن النية وطيب الأصل.

هذه اللفتة الكريمة التي بادر بها قبل أيام صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد، ما هي إلا مجرد حلقة واحدة في سلسلة من حلقات مبدأ التسامح الذي عرفه العالم عن شعب الإمارات من القمة حتى القاعدة.

لا أحد يرضى أن يشاهد خلف قضبان سجون دولة عربية أو مسلمة معتقلين عرباً أو مسلمين أياً كانت التهمة. ودولة الإمارات تغض الطرف أحياناً، وتتظاهر بأنها لا ترى ولا تسمع أحياناً، وتتسامح أحياناً كثيرة، لكنه عندما يصبح القرار كرهاً، فإنه يصبح نافذاً إلى حين. ومنهم من يقدر ذلك الصنيع ومنهم من يعود إلى سابق عهده، فيعود كل إلى أصله وتربيته.

الإمارات اليوم تقع في مركز تتلاقى فيه الطرق، حيث العالم العربي من حولها يموج بتغيرات جذرية دامية بدأت دون مقدمات ثم لا أحد يعرف بعد كيف ستنتهي بهم. وهذه الاحتجاجات التي بدأت سلمية ثم دموية ثم فوضى، لم تقم ضد حاكم بعينه وإنما ضد طريقة حكمه للبلاد.

ولو كان الناس مؤمنين بأن بلدانهم فقيرة معدمة لما ثاروا، وإنما ثاروا ضد البؤس في بلد كان من الممكن لو أدير بطريقة نزيهة أن يصبح من أكثر دول العالم ثراء وتقدماً في كافة المجالات. فهي بلدان أنعم الله عليها بالرقعة الجغرافية الواسعة والطبيعة الساحرة والتاريخ الضارب في القدم والثروات التي ظلت إما مركونة دون أن تستغل أو تركت للنهب والسرقة من قبل فئة استأثرت بكل شيء.

ورغم أن دولة الإمارات تعتمد أساسا في اقتصادها على النفط، وسط صحراء جرداء قاحلة لا ماء فيها ولا كلأ ولا مطر إلا ما ندر، غير أن كرم حكامها وأهلها حولتها إلى جنة خضراء ومحط أنظار العالم وبها ما ليس بأي دولة أخرى من التقدم والعمران.

ترى ما السر في ذلك؟ باختصار هو: التسامح والتضحية والعمل. الكل في دولة الإمارات يعمل لهذا البلد. حتى الغرباء، يعملون بها ولها لأن نجاحهم مرهون بنجاحها ولأن دولتنا قدمت لهم ما لم تقدمه لهم دولهم التي ولدوا عليها من أمن وأمان وحرية وتسامح.

التسامح لا يعني التعدي على حقوق المتسامح. والتسامح لا يعني التلاعب بأمن واستقرار الضيف الذي استقبلنا على بساطه الأحمر. فهذه الدولة بها من الجنسيات بعدد ما على الكرة الأرضية من دول. ولكل الحق في العيش بسلام، وأي عبث بتسامحها يعني الفوضى. وأي فوضى لا سمح الله ستعني الخسارة للجميع.

وكافة المعتقلين في سجون الإمارات ورغم ما يتمتعون به من معاملة حسنة قد لا يجدونها حتى وهم خارج القضبان في دولهم التي جاؤوا منها لا بد أنهم ارتكبوا عن قصد أو غير قصد من المخالفات ما أجبر السلطات بالدولة إلى احتجازهم لتوفير الحماية لملايين المقيمين الآخرين.

 ومع ذلك، وهذا ما لم يحدث في أي دولة أخرى سواء في العالم المتحضر أو المتأخر، يخرج لنا صاحب السمو رئيس الدولة فيعفو عن أكثر من مئة سجين لوجه الله!! ناهيك عن العدد الهائل من المفرج عنهم سنوياً في المناسبات المختلفة على مستوى الدولة.

إن علاقتنا بالدول العربية وبالخصوص مصر العربية أكبر من أي سوء فهم ومن أي قضية. وما قرار صاحب السمو رئيس الدولة الأخير سوى إثبات لحسن نوايانا تجاه الآخرين حتى ولو كانوا مقصرين أحياناً في حقنا ...

نتمنى أن تكون رسالة صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، قد وصلت إلى من يعنيهم الأمر...

 

Email