لا نريد السمنة والسمان

ت + ت - الحجم الطبيعي

خبر لفت انتباهي جاء من بلد قصي لم أسمع عنه من قبل واسمه ساموا، وحينما بحثت في الشبكة العجيبة عرفت أنه عبارة عن مجموعة جزر تقع في جنوب المحيط الهادي (شرق استراليا)، مساحتها لا تتجاوز كثيراً الثلاثة آلاف من الكيلومترات المربعة، أما سكانها فهم قرابة الربع مليون. والغريب أن جزأها الغربي دولة مستقلة منذ العام 1962 وعاصمتها أبيا، في حين أن جزأها الشرقي تابع للولايات المتحدة الأميركية!

أما الخبر الذي شد انتباهي والقادم من هذه الدولة الصغيرة البعيدة عنا آلاف الكيلومترات فهو أن شركة طيرانها (ساموا إير) قررت، منذ أربعة أشهر خلت، أن تحدد تعرفة السفر تبعاً لوزن المسافر، في خطوة غير مسبوقة في هذا الإطار.

أما غاية الشركة من هذه التسعيرة الفريدة، ولنقل (التمييزية) فهي غاية غير تجارية، بل رمت إلى محاربة "السمنة" التي يشكو منها معظم مواطني هذه الدولة الصغيرة. إنها وسيلة لإيقاظ الوعي لديهم وتعريفهم بمخاطر زيادة الوزن. وقد جاءت النتائج حسب ما تشتهي السفن كما أكد مديرها لوسائل الإعلام.

وحينما ألقيت نظرة على أرقام الدول العشر الأكثر سمنة في العالم لم أجد بلاد السموا ضمنها، بل وجدت أن بلادنا العربية وعلى رأسها الخليجية تتربع على القائمة. فحسب صحيفة الديلي ميل البريطانية (ونقلتها الوطن الكويتية 4/4) جاءت الكويت في الصدارة لتبز الولايات المتحدة، التي لا يشبع أهلها صغاراً وكباراً من أكل "الهمبورغر"!

والعجيب أن مصر احتلت المركز السادس لتسبق الإمارات بدرجتين!! وحينما نتأمل ترتيب الدول العربية من حيث البدانة فإننا نلحظ أن الكويت ومصر تتصدران المقام الأول والثاني في حين تأتي بعدهما الإمارات فالبحرين والسعودية والأردن.

ترى، كيف أصبح الكويتيون "ملوك السمنة" أو "أبدن البدناء" أو ما شئت من المسميات لتصف حالهم؟ هذا ما حاولت الديلي ميل تقصيه على عجالة فتوصلت إلى أسباب ثلاثة: الأول أنه لا يوجد عقاب اجتماعي للسمين، من قبيل الازدراء به، أو السخرية منه أو غير ذلك. وهنا يستحضرني ما قام به مدير شركة ساموا ليقول لمجتمعه الصغير إن السمين يجب أن يدفع ما يجلبه على نفسه وعلى مجتمعه من أضرار.

السبب الثاني مكرر وربما بديهي ونتشارك فيه نحن وأبناء عمومتنا في دول الخليج العربي وهو الانكباب على "الفاست فود" و"الوجبات السريعة"، المكونة أساساً من "الهمبورج" أو "الشكن نجد" التي تمتلئ بالشحوم مضافاً إليها "المايونيز" غير ناسين ما يرافق ذلك من "الفرنش فرايز" الذي يقطر منه "الدهن" والمغطاة "بالكتشب" مع علبة كبيرة من المياه الغازية المليئة بالسكر الضار!

ومثل هذه الوجبات الدسمة لا يتم تناولها أثناء النهار كي يكون بمقدور الجسم تصريفها، بل وأيضاً في وقت العشاء وقبل الخلود إلى الفراش!

ويتساءل المرء هنا بحسرة: أين الفواكه والخضر وأكلاتنا الطيبة مثل "النخي" و"الباجلا" و"الآش" و"الهريس" و"الجريش" وغيرها؟ أين نحن من تناول ما تنتجه بيئتنا من جرجير و"بربير" و"بقل" و"رويد" وغيرها من الخضروات المليئة بالفيتامينات والألياف؟ أين نحن من التمر و"حليب النوق والأغنام" وغيرها من منتجاتنا التي كانت كافية لتحافظ على صحتنا ورشاقتنا يوم أن كنا صغاراً لا نعرف "للفاست فود" طريقاً؟!

ليس التحول في طعامنا هو الذي يسبب السمنة عند الأجيال الحالية فقط، فالصحيفة تشير أيضاً إلى قلة الحركة، والكسل والاعتماد على الخدم وغيرها من سلوكيات "الراحة الضارة"! ولو كانت السمنة لا تضر صحياً بصاحبها ولا يدفع المجتمع فاتورة غالية من العلاج لهان الأمر، غير أننا جميعاً ندرك مخاطر السمنة، وندرك كم هي مكلفة لميزانيات بلداننا في مجال العلاج والرعاية وغيرها.

وعليه، نريد أفكاراً كتلك التي طرحت في ساموا البعيدة لنكبح جماح السمنة، ونريد أن نوجه جيل الشباب إلى الاهتمام بالتغذية المتوازنة لأن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء.

 

Email