نحو شراكة عربية تنموية مستدامة

ت + ت - الحجم الطبيعي

شكل انعقاد الدورة الثالثة للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، بعد انعقاد القمة الأولى في الكويت عام 2009 والقمة الثانية في شرم الشيخ عام 2011، تأكيداً على المسار الجديد للعمل العربي المشترك، بعد أن شغلت السياسة وحدها الأولوية في العمل العربي المشترك لعقود طويلة.

 وقد جاءت هذه القمة في الوقت المناسب، بعد أن ارتفعت دعوات التغيير والإصلاح في مجتمعاتنا العربية، احتجاجاً على الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي والفساد، وسعياً إلى تحقيق العدالة الاجتماعية ورفع مستوى معيشة المواطن العربي، وإرساء دعائم دولة الحق والقانون والحكم الرشيد، كما أعلن أمين عام جامعة الدول العربية في كلمته بهذه المناسبة.

وباستعراض ما تحقق على مستوى التكامل الاقتصادي العربي منذ إطلاق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى عام 1966، ما زال هناك بعض المعوقات، وأهمها عدم الانتهاء من قواعد المنشأ العربية التي من شأنها العمل على تيسير التبادل التجاري بين الدول العربية الأعضاء، كما أن هناك الحاجة لاستكمال كافة متطلبات إقامة الاتحاد الجمركي العربي.

إن على الدول العربية أن تسعى لتطوير قطاع النقل العربي البري، الطرقي والسككي، وتشغيل خطوط نقل بحرية. إنه من الأهمية الاستثمار في الوطن العربي، والذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بارتفاع معدلات البطالة وضعف نتائج برامج التشغيل في معظم الدول العربية، حيث إن متوسط معدل البطالة في الدول العربية وصل نحو 16% عام 2011، وهو أكثر من ضعف معدل البطالة في العالم، ويقدر عدد العاطلين عن العمل بنحو 17 مليون عاطل.

لقد أكدت قمة الرياض على ضرورة توفير المناخ الملائم لزيادة الاستثمارات العربية البينية، والمساهمة في توجيه الاستثمارات العربية إلى داخل المنطقة العربية بدلاً من الخارج، والذي من شأنه المساهمة في استقرار المنطقة العربية وليس العكس، كما أن معظم الخبراء الاقتصاديين يؤكدون أنه في ظل المخاطر سيرفع هامش الأرباح للمستثمرين.

إن العالم ينظر للوطن العربي كأهم مصادر الطاقة الأحفورية، والتوجه دولياً لإثبات المواكبة للتطورات العالمية، المتمثلة في استخدام كافة البدائل المتاحة من مصادر الطاقة، وعلى الأخص الطاقة الشمسية والرياح، في عملية التنمية الاقتصادية الشاملة.

إن الاستراتيجية العربية لتطوير استخدامات الطاقة المتجددة حتى العام 2030، التي بحثتها القمة الأخيرة، تهدف إلى صياغة رؤية مستقبلية للوطن العربي في مجال الطاقة المتجددة.

ولا بد أن نعلم أن للشباب العربي دوراً هاماً في تحقيق تنمية مستدامة، في إطار منظمات المجتمع المدني العربي، المعنية بالتنمية الاجتماعية وعمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية، وبما يُسهم في زيادة تمكين الشباب العربي في بناء مستقبل بلدانهم.

لقد تم التأكيد في القمة الاقتصادية على الدور الريادي للقطاع الخاص العربي في التنمية، وخاصة دوره في الأمن الغذائي إذا ما استثمرت الأموال العربية في أراضٍ خصبة مثل السودان والمغرب العربي، التي من شأنها أن تؤمن الغذاء لأكثر من ثلاث مائة مليون مواطن عربي، ولن يتأتى هذا الدور للقطاع الخاص إلا من خلال شراكة حقيقية مع الحكومات العربية. كما يتطلب ذلك معالجة قضايا المياه، وهي من القضايا البيئية الهامة.

ومن التحديات الراهنة واقع واحتياجات الشباب العربي، وتأهيل القوى البشرية في العالم العربي، لسد احتياجات دول الخليج من الأيدي العاملة، ولتمكين الشباب من التفاعل الإيجابي مع عالم المعرفة والتكنولوجيا الحديثة.

وقد كان من النتائج الهامة لقمة الرياض، التأكيد على هذه الجوانب من قبل القادة العرب، "استشعاراً منا بأهمية المضي قدماً في اتخاذ ما من شأنه تطوير العمل العربي المشترك، بما يخدم المواطن العربي والارتقاء بمستوى معيشته وتوفير الرعاية الصحية الكاملة له"، كما جاء في "إعلان الرياض" الصادر في ختام أعمال القمة.

 

Email