قمة التعاون الإسلامي.. الاختلاف والتخلف

ت + ت - الحجم الطبيعي

كم عدد القضايا الإسلامية التي حلتها اجتماعات مؤتمرات منظمة التعاون الإسلامي منذ تأسيسها عام 1975؟

75 دولة أغلبية سكانها مسلمون، تمثل 1,5 مليار مسلم حول العالم. وعندما تمثل منظمة هذا العدد الهائل من البشر، فهذا يعني ببساطة أنها (منظمة عظمى) يهابها العالم. اللهم إلا إذا راجعنا نظرية الكم والكيف؟

حيث لا نجد منظمة ينطوي تحت مظلتها هذا الكم الهائل ممن يدينون بدين واحد وبهذا الاتساع الجغرافي. كما أن المساحة الجغرافية لهذه الدول الإسلامية التي تشارك في هذا المؤتمر تمثل في حد ذاتها قوة عظمى. ومعظمها تمتلك من الموارد ما يغنيها عن فضلات الغرب. وبها من الأنهار والبحار والمواقع الاستراتيجية ما يمكنها أن تسيطر على حركة التجارة في العالم.

بينما نتجاهل هذه الحقيقة، فإن الدول الغربية تحسب لها ألف حساب، ووضعت لها منذ القرن الثامن عشر خطة تفكيكها إلى قطع قد تصل إلى ما لا نهاية. ولا تتعدى هذه الخطة التي وضعت خطوطها العريضة بريطانيا سوى جملة (فرق تسد). وتعترف الدول الأوروبية صراحة بأنها ما زالت تعتمد هذه الخطة في سياساتها الخارجية مع الدول الإسلامية والعربية.

ولا نعرف كيف نصف من يدرك بأن هناك مصيدة وضعت له فيعمل على إيقاع نفسه فيها؟ فكل مسلم من بين شعوب العالم الإسلامي يعلم بأنه مستهدف لأسباب ثأرية وتاريخية واستراتيجية واقتصادية وجغرافية. مع ذلك، وبمجرد ما أن يقتل مسلم واحد حتى تشتعل المعارك بين المذاهب الإسلامية في شتى بقاع الأرض.

المسلمون لسوء أو ربما لحسن حظهم ينقسمون فيما بينهم إلى مئات الطوائف. وكل طائفة تنقسم في داخلها إلى طوائف أخرى وهكذا. وهذا الانقسام لا يفسد للود قضية. فاختلاف الآراء مسألة طبيعية بل أمر مطلوب. غير أن المسلمين ما زالوا غير قادرين على تربية أبنائهم على هذا الفكر المتحضر الذي يدعو إليه الإسلام.

هناك تحديات عظيمة عالقة وأخرى مستجدة تواجه (العالم الإسلامي). والخطر الحقيقي لا يكمن فقط في الهجوم الغربي الشرس على الإسلام، وإنما في قبول المسلمين أن يجعلوا من أنفسهم ضحية تفكيرهم. وأولى هذه الأفكار تتمثل في الحروب الطائفية الدموية التي بدأت قبل 1400 عام دون حسم يذكر.

مؤتمر قمة منظمة التعاون الإسلامي تقع على عاتقه مسؤولية تحويل هذا الخلاف إلى اختلاف قبل أن يدخل في مناقشة أي مسألة أخرى. البيانات الختامية المعدة مسبقاً أصبحت موضوع سخرية. لا بد من الدخول في دائرة الواقعية بدلاً من الالتفاف خلفها. لا بد من وضع آلية عمل تطبيقية بدلاً من البيانات المستهلكة والمكررة.

الخلافات والاختلافات تبدأ من العقل. وبالتالي لا بد من إعداد أبنائنا في المدرسة وفي المنزل على حرية الاختلاف وقبول الآخر ورفض العنف في الحوار. وفيما لو بدأنا اليوم، علينا أن ننتظر 15 عاماً أخرى حتى يأتي جيل جديد عقله نظيف تماماً وتستوي الأمور في نصابها. التخلف على كل الصعد والذي يعاني منه العالم الإسلامي مرده إلى النزيف الدموي والمالي بسبب حروب داخلية طائفية تافهة لولاها لكنا اليوم في مصاف الدول العظمى.

يا ترى، هل استطاعت التفجيرات التي تتم في المزارات الدينية في العراق على يد المتطرفين أن تحول شيعياً واحداً إلى المذهب السني أو العكس؟ وما يقاس على هذين المذهبين الكبيرين في الحجم وفي الاختلاف يمكن أن يطبق على كل المذاهب الإسلامية والدينية الأخرى.

لا أحد يشك في أن الاغتيالات المذهبية والفكرية في العالم الإسلامي تختبئ خلفها شبكة مخابرات دولية معقدة، وما اغتيال المعارض شكري بالعيد في تونس قبل أيام سوى حلقة أخرى من خطة فرق تسد الجهنمية. ونجحت الخطة. واندلعت الحرب الأهلية في تونس، ولن تتوقف ما دمنا نؤمن بالثأر الدموي الطائفي والفكري وما دمنا نسخر ملايين الدولارات لهذه الاجتماعات لنصدر في النهاية بيانات ختامية لا يعمل بها.

(عضوية سوريا معلقة في هذا المؤتمر الإسلامي منذ أغسطس 2012)!!

Email