من أجل ساعات عمل صحية

ت + ت - الحجم الطبيعي

كم ساعة في اليوم يعمل الانسان؟ وهل فكر احدنا ان هذه الساعات بالاضافة الى ماتجلبه لنا من رزق و قوت يومنا قد تؤثر على صحتنا وتجلب لنا الامراض او الحوادث اذا لم تتخذ التدابير الواقية.

العمل من انبل المهام وحثت عليه الاديان السماوية وبالاخص ديننا الاسلامي. وقد بين الرسول عليه الصلاة والسلام اهمية العمل والكدح والثواب الجزيل على ذلك، لكن بيئات العمل المختلفة تحوي على بعض المخاطر التي تؤثر على صحة الفرد العامل. وفي كثير من الاحيان تؤدي هذه المخاطر الى امراض او اصابات مميتة، حيث قدرت منظمة العمل الدولية ان هناك 2.31 مليون حالة وفاة سنويا نتيجة لاصابات او امراض متعلقة بالعمل. وفي احصائيات اخرى تبين وفاة شخص كل 15 ثانية حول العالم نتيجة اصابات العمل، هذه الارقام والدراسات المستفيضة في هذا المجال تحتم الاهتمام بصحة الفرد العامل واتخاذ اللازم للوقاية. ومن هنا يتبين لنا اهمية مبدأ الصحة المهنية.

الصحة المهنية تعنى في الاساس بالوقاية من حدوث الاصابات والامراض المتعلقة في بيئة العمل. وهنا يجب التنويه لنقطة مهمة وهي أن المقصود بالعامل هو أي عامل في أي وظيفة سواء في القطاع الحكومي او الخاص، حيث هناك اعتقاد لدى البعض ان الصحة المهنية معنية فقط بالعاملين في المصانع او المهن الحرفية او في البناء والانشاءات. فحتى الموظف الحكومي المكتبي من مدير وإداري وغيره قد يتعرض لبعض المخاطر التي تؤثر على صحته.

توجد في أماكن العمل مخاطر مختلفة تختلف حسب طبيعة النشاط المهني، تؤثر على الحالة الصحية للعاملين وتؤثر بالتالي على كفاءة الإنتاج، وتتسبب في الإصابة بالأمراض وتزيد من معدلات الحوادث و إصابات العمل.

المخاطر الفيزيائية مثل الحرارة التي تؤدي الى الاجهاد الحراري، الضوضاء التي اذا تم التعرض لمستويات معينة منها على فترة طويلة تؤدي الى فقدان السمع، الضوء والاشعاعات التي قد تؤدي الى بعض السرطانات، الاهتزازت التي قد تؤدي الى مشاكل في تروية الدم للمناطق المعرضة في الجسم مثل اليد أو الى أوجاع مزمنة في منطقة الظهر. المخاطر الكيميائية. وتنتج من استنشاق مواد كيميائية على شكل أبخرة، غازات، أتربة، أو من ملامسة الجلد لهذه المواد. ويؤدي التعرض لها الى امراض مختلفة من الحساسية و الربو وبعض السرطانات كسرطان الرئة والغشاء المحيط لها. المخاطر البيولوجية تنجم عن دخول الميكروبات المختلفة لجسم الانسان من فيروسات وبكتيريا وطفيليات وغيرها. اما اصحاب المهن المعرضون لهذا النوع من المخاطر فهم العاملين بالمعامل، والمزارع، والحقل الصحي.

اما المخاطر الميكانيكية التي يتعرض لها العامل نتيجة تشغيل الالات المختلفة او حمل اوزان بطريقة خاطئة، تؤدي الى الاصابة بالام عضلية مختلفة واوجاع في المفاصل. ايضا هنا المخاطر الايرجونومكية التي تنتج من عدم ملاءمة ظروف العمل للعاملين، كمثال ان يكون ارتفاع الكرسي لايتناسب مع طول الشخص او عدم وجود تهوية مناسبة في محيط المكتب. كل هذا قد يؤدي إلى التأثير على العامل وبالتالي يؤثر على الكفاءة والانتاجية. وهناك المخاطر النفسية والاجتماعية في بيئة العمل من متطلبات الوظيفة، العمل الليلي، العمل وحيدا، طبيعة العلاقة بين العامل ورئيسه، التعرض للعنف و التجريح، عدم وجود توازن بين العمل والمنزل. كل هذا يؤدي الى تولد الضغط النفسي الذي يؤدي الى حدوث بعض الامراض المختلفة من امراض القلب وارتفاع ضغط الدم و الكآبة وغيرها.

المخاطر المذكورة أعلاه عندما تتواجد في بيئة ما تؤدي الى الاصابة بالأمراض المهنية وإصابات العمل. المرض المهني هو المرض الذي يصيب العامل نتيجة تعرضه بحكم عمله لبعض العوامل الضارة التى تعتبر جزءا من طبيعة العمل. مثال ذلك مرض تحجر الرئتين الذي يصيب عمال المناجم.

على أن هناك بعض الأمراض التى تصيب بعض العاملين في مهن معينة ولكنها كذلك يمكن أن تصيب الأفراد من غير العاملين في تلك المهن. و مثال ذلك السل الرئوي الذي يعتبر مرضا مهنيا عندما يصيب العاملين في المستشفيات ويعتبر مرضا عاديا في غير تلك الحالات.

ولا بد من وضوح العلاقة بين العامل المسبب و بين المرض حتى يمكن اعتبار المرض مهنيا، وعلى ذلك فان إصابة أحد العاملين بأي من الأمراض الشائعة أثناء فترة عمله في مكان ما لا تعتبر مرضا مهنيا ما لم تكن هناك علاقة سببية مباشرة واضحة بين المرض وظروف العمل.

وبالنسبة لإصابات وحوادث العمل، يمكن تعريف الحادث بأنه حدث غير متوقع غير مخطط قد تنتج عنه خسائر أو إصابات، وقد عرفت منظمة العمل الدولية إصابة العمل بأنها " الإصابة التى تحدث نتيجة حادث يقع في مكان العمل وينتج عنه الوفاة أو الإصابة الشخصية أو المرض الحاد"

خلاصة الامر، تعتبر الصحة المهنية احدى الخدمات الهامة تحت مظلة خدمات الصحة العامة، وبمعرفة مخاطر بيئة العمل والوقاية منها، سنكسب افراد عاملين يتمتعون بأعلى درجات الصحة والسلامة والذي سيكون له الاثر الفعال في انتاجية الفرد والمجتمع.

 

Email