المسـؤوليــة المجتمعـيـــة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتباهى الدول بتقدمها في مختلف المجالات كالاقتصادية والثقافية والرياضية والاجتماعية، وبحمد الله نفتخر في دولتنا الغالية بتحقيق الريادة في معظم هذه المجالات، إلا أن الخدمة المجتمعية، والتي تعتبر أحد أبرز مظاهر تطور ورقي المجتمعات، لا ترضي الطموح الذي تصبو اليه قيادتنا الرشيدة.

المسؤولية المجتمعية يقصد بها باختصار التطوع لخدمة المجتمع بدون مردود مالي أو مصلحة شخصية، حيث تعمل على إبراز القيم المجتمعية وتعميقها في نفوس أفراد المجتمع وتأكيد أهمية تكاتفهم بجميع شرائحهم مع بعضهم، لإخراج مجتمع متطور يميل إلى التعاون والمساعدة في الظروف والمناسبات المختلفة والعمل على تحقيق ترابطه وصولاً لنهضة شاملة.

نظراً لقلة ثقافة معظم أفراد مجتمعنا بخصوص العمل المجتمعي وعدم إدراكه الفوائد المكتسبة، يعتقد الكثير أن العمل المجتمعي لا يتم تطبيقه إلا في الحالات والظروف السيئة كالأزمات والشدائد والكوارث.

في حقيقة الأمر وما هو متعارف عليه عالمياً يقصد من المسؤولية المجتمعية هو تخصيص وقت كاف في حياة كل فرد في المجتمع الذي ينتمي اليه للعمل تطوعا منه لخدمة مجتمعه.

على سبيل المثال يستطيع الطبيب التطوع بوقته وخبرته بتقديم العلاج مجاناً لأفراد الحي المحتاجين بتخصيص يوم في الشهر بتقديم هذه الخدمة في عيادته الخاصة، أو تقديم المختص نفسياً أو اجتماعياً بالإرشاد الأسري وتوجيه الأزواج لحل مشاكلهم وتقليل نسب الطلاق بتخصيص وقته مرة في الشهر بدون مقابل مساهمة منه في المسؤولية المجتمعية.

كثير من التخصصات قد يقدم أصحابها مساهمات متنوعة كالمعلم والمهندس وغيرهم لتذليل العقبات من خلال تقديمهم الخدمة المجتمعية.

تحرص بعض الجهات المعنية في دولتنا العزيزة على تنظيم ملتقيات تجسد رؤية قيادتنا الرشيدة نحو الاهتمام بمفهوم المسؤولية المجتمعية، تحقيقا لإستراتيجية واضحة هدفها المحافظة على الهوية الوطنية، إلا أننا نغفل عن حقيقة مرة وهي أن معظم الأفراد يجهلون أهمية العمل المجتمعي.

لذا لا يعطونه الاهتمام الكافي ونكاد لا نرى أنشطتهم في إطار تقديم الخدمة المجتمعية، إلا في فترة الأزمات والكوارث الطبيعية.

كما نرى بعض الجهات تسعى جاهدة لتعريف المجتمع بمكونات هويته الوطنية ودعم الحركة الثقافية داخل الدولة طلباً للوصول بها إلى العالمية، إلا أنها ومع الأسف تركز على الاهتمام بالتنمية المجتمعية وتحقيق المسؤولية الاجتماعية فقط من خلال الثقافة السطحية البسيطة عن التطوع.

بناءً على توصيات أحد البحوث الأكاديمية العليا التي قدمتها مؤخراً إحدى طالبات كلية دبي للإدارة الحكومية، اقترحت عدة نقاط لتحقيق العمل المجتمعي، وكان أهمها تشجيع الشباب منذ صغرهم على الاهتمام بالتطوع وتطبيقه في المجتمع وتبني تحديات جديدة، وغرس الثقة في الجيل الصاعد من خلال الاعتماد عليهم في مختلف ظروف العمل المجتمعي.

كما على المسؤولين المساندة بفتح المجال للمتطوعين وإعطائهم الفرص اللازمة من خلال استثمار الوقت معهم وتشجيعهم. أما المؤسسات ذات النفع العام، فعليها فتح مجالات أكثر للمتطوعين رغبة في إبراز قدراتهم في تقديم الخدمة المجتمعية على أكمل وجه، مع توفير التسهيلات اللازمة لهم.

كما يأمل من الجهات المعنية مساندة المبادرات المجتمعية وبشكل أوسع، من خلال التركيز على النوعية بدلاً من الكمية رغبةً في تحقيق أهداف العمل المجتمعي المنشود.

Email