الإنسان قبل المال

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل أيام افتتح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حفظه الله، المؤتمر العالمي الثالث لريادة الأعمال في دبي، وبين أهمية الثروة البشرية وأنه في أحيان عدة يكون الفارس أهم من الحصان، وذكر كلمات عنوان المقال. ومن هذا المنطلق أحببت تسليط الضوء على العنصر البشري في أي مؤسسة، وأنه من دونه لا يكون هناك إنسان ولا مال.

تشكل بيئة العمل في الشركات والمؤسسات، حجر الزاوية الأساسي في ضمان استمرارها وتحقيق أهدافها ومن ثم نجاحها.. ومن دون بيئة صحية داخل المنظمة، ستفشل إدارة المنشأة في العمل على المدى القريب أو البعيد، ولهذا تمثل العلاقات مع العاملين داخل المؤسسة أو المنظمة، العامل الحاسم في تحقيق البيئة الصحية في العمل، وهو ما يقع على عاتق الإدارة العليا داخل الشركة، وعلى عاتق إدارة العلاقات العامة لخلق الولاء للمنظمة.

لهذا يمثل نظام الرواتب والأجور والحوافز في المنشأة، عاملاً مهماً لبذل العاملين المزيد من الجهد لتطوير المؤسسة، ولرفع درجة ولاء الموظفين وانتمائهم وتحقيق الثقة بالنفس والإحساس بالأمان وتلبية الحاجات، عندها يكون العاملون ضمن جوٍّ من الراحة النفسية للعمل.

إنَّ بيئة العمل المليئة بالشك وسوء التفاهم، تنتج صراعات ونزاعات كبيرة تؤثر في الهدف النهائي للمنظمة للاستمرار والبقاء والنمو والازدهار، بالتفاعل الإيجابي مع عناصر البيئة التي تعيش فيها المنظمة.

وهناك حقائق يتعين على المنشأة إدراكها:

- إن تحقيق المنشأة لأهدافها مرهون بمعرفة الأعضاء بهذه الأهداف وبفهمها وأحياناً مشاركتهم فيها، وتتعين الاستفادة من خبرات ومهارات العاملين.

- إن الشعور بالمسؤولية لدى العاملين، يتولد من مدى توافر الفرصة للمشاركة في القرار ووضع الأهداف ورسم السياسات ونظم العمل.

- نجاح المنظمة في تحقيق بيئة عمل سليمة، يبدأ من جمهورها الداخلي أولاً ثم الخارجي.

- للعاملين مصادر عدة من المعلومات التي تمثل الإدارة أحدها، ويثقون بتجاربهم الخاصة، وعلى الإدارة أخذ ذلك في الحُسبان.

- إذا كان الموظفون غير راضين عن عملهم فسيجدون طريقة سلبية للتعبير عن مشاعرهم ضد المنشأة، وهنا على الإدارة أن تعاملهم كبشر لا كأدوات أو آلات، وأن تشركهم في القرارات، وتُشعرهم بأنهم أعضاء في فريق.

- إنَّ حاجات ورغبات الموظفين كثيرة، بعضها منطقي وبعضها الآخر غير منطقي. فالموظفون يريدون رواتب معقولة تضمن لهم حياة كريمة، وتطبيق نظام عادل مُجدٍ للحوافز، إضافة إلى التدريب والتعيين والاختيار على أساس موضوعي.

- يتعين على المنظمة إشعار العامل بالاستقرار والأمان، ومنحه مزايا أخرى إضافة إلى مُرتّبه، كالتأمين الصحي والضمان الاجتماعي وتوافر المواصلات.

- على المنشأة شرح سياستها وإجراءاتها، وتفسير القوانين واللوائح الجديدة المتعلقة بنظم سير العمل للعاملين فيها، والعمل على إقناع العاملين بأن مصلحة الإدارة ومصلحة الموظفين واحدة.

- يجب رفع الروح المعنوية للعاملين لتقليل معدل غياب الموظفين عن دوامهم، ويؤدي ذلك أيضاً إلى زيادة الإنتاجية للموظف وتحسين جودة المنتج النهائي، ورفع درجة انتمائه للمؤسسة، وذلك يقلل أيضاً من معدل دوران العمل.

- الاعتراف بإنجازات العاملين ومساهماتهم في مجال العمل، وعدم إحباط عزيمتهم بالعبارات المثبطة التي تقتل حماسهم، وعدم التقليل من قيمة أي عمل لأي موظف في المؤسسة مهما كان صغيراً أو بسيطاً، بل ينبغي إشعار العامل بقيمة عمله بوضعه ضمن سياق العمل الكلي للمنظمة، فنجاح المنظمة في تحقيق أهدافها والوصول إلى الغايات التي تطمح إليها، نتاج عمل جميع العاملين، وينبغي أن يشعر العاملون بذلك ليدركوا أهمية الأعمال التي يقومون بها.

بذلك تكفل المنظمة أو المؤسسة بيئة عمل مستقرة، يبحر جميع العاملون فيها، بدءاً من أقلهم خبرة وصولاً إلى المدير العام، في مركب واحد للوصول إلى برِّ النجاح.

 

Email