علاقات أميركية إسرائيلية متوترة بعد الانتخابات

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع إعادة انتخاب الرئيس الأميركي باراك أوباما، أخيراً، فمن المرجح أن تزداد العلاقات الأميركية مع الحكومة الإسرائيلية فتوراً. فلم يكن الرئيس أوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على ودّ أبداً. لكن بعد ذلك أعلن نتنياهو تأييده للمرشح الجمهوري للرئاسة ميت رومني، وهي المرة الأولى التي ينحاز فيها رئيس وزراء إسرائيلي إلى أي من الجانبين في انتخابات أميركية.

قال لي رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت: "كان خطأ فادحاً ارتكبه رئيس وزراء إسرائيل أن يورط نفسه في السياسة الأميركية". وقال نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيلي يشاي للصحافيين في إسرائيل في اليوم التالي للانتخابات: "لم يكن هذا صباحاً طيباً بالنسبة لنتنياهو". و حسبما عبر باحث استراتيجي سياسي إسرائيلي عن الأمر في ذلك اليوم: "لعب نتنياهو على الحصان الخاسر".

هرع نتنياهو لتعويض واشنطن عما فعله. و أصدر على الفور بياناً أعلن فيه أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل "صخرة صلبة". و التقطت له صور وهو يحتضن السفير الأميركي. وقال لأعضاء آخرين من حزبه إن عليهم أن يوقفوا الانتقادات بشأن أوباما.

ولكن الأوان قد آن. فقد حفر نتنياهو حفرة عميقة جداً بحيث أنه لن يكون قادراً على الزحف للخروج منها.

لقد بدأت العلاقة بين أوباما ونتنياهو تتهاوى فور تولي أوباما مهام منصبه، عندما رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي طلب أوباما بتجميد بناء المستوطنات، تماماً كما فعل كل رئيس وزراء اسرائيلي منذ أن اشتكى من ذلك الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر. ولكن منذ ذلك الحين، استخدمت إدارة نتنياهو المستوطنات كعصا عقاب.

من يمكن أن ينسى زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل في عام 2010، وفي يوم وصوله إلى هناك، أعلنت وزارة الداخلية الاسرائيلية عن قرارها بناء 1600 شقة جديدة للإسرائيليين في القدس الشرقية العربية.

وفي وقت مبكر من هذا العام، قالت جماعة مراقبة اسرائيلية إن إسرائيل قامت ببناء 1850 منزل جديد في الضفة الغربية في عام 2011، أي بزيادة 20% عن العام السابق. وكأن ذلك لم يكن كافيا، أعلنت إسرائيل في يوم انتخابات الرئاسة الأميركية أنها تعتزم بناء 1213 منزل جديد في القدس الشرقية و 72 في آرئيل وهي مستوطنة في الضفة الغربية.

نتنياهو يقول انه لا يرى سببا للاعتذار. و أكد بالقول: "سوف يستمر البناء في القدس بالطريقة نفسها التي يستمر بها في لندن وباريس وواشنطن وموسكو وكل عاصمة أخرى على امتداد العالم".

يميل بعض محللي شؤون الشرق الاوسط القول إنه قد حان الوقت ليتوقف القلق حيال المستوطنات. وبدلاً من ذلك، يجب على إسرائيل والفلسطينيين تجاوز هذه المسألة في الوقت الحالي، و البدء مفاوضات بشأن الحدود بين إسرائيل ودولة فلسطينية جديدة. و بمجرد التوصل إلى ذلك، حسبما يقولون، فإن مشكلة المستوطنات تتدبر أمرها بنفسها. سوف يريد عدد قليل من المستوطنين أن يعيشوا في دولة فلسطينية.

وهذا أمر منطقي، إذا كنا نفترض إمكانية أن تجلس إسرائيل والفلسطينيون في و يجروا محادثات في أي وقت قريب. وهو أمر غير مرجح.

خلال الخريف الحالي، بدأ نتنياهو يتبنى تقرير ليفي، و هو عبارة عن تحليل أمرت حكومته بإجرائه. فهو يؤيد القول إن الضفة الغربية تنتمي فعلاً لإسرائيل الآن، ويجعل المستوطنات قانونية تماماً، وينفي أي حاجة للعمل باتجاه حل الدولتين.

على الصعيد الرسمي، أقرّت حكومته أجزاء فقط من ذلك التقرير. ولكن بعد ذلك، تخلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في مقابلة تلفزيونية، أخيراً، عن دوره المعتاد وبدا وهو يقول أنه سيكون على استعداد للتخلي عن حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم السابقة في اسرائيل. وقال: "أعتقد أن الضفة الغربية وقطاع غزة هما فلسطين، و الأجزاء الأخرى هي إسرائيل".

وهي محاولة على ما يبدو لإقناع اسرائيل لاستئناف المفاوضات. و ردّ نتنياهو بازدراء بارد. بل والأكثر من ذلك، فقد تحالف حزبه للتو مع حزب اليمين المتطرف "إسرائيل بيتنا"، الذي يعارض زعيمه، وهو وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، علناً حلّ الدولتين. هذا هو موقف الائتلاف الذي شكّله نتنياهو و وجهه الجديد أمام إسرائيل والعالم، لانتخابات إسرائيل المقرر إجراؤها في يناير المقبل.

ولم يقل أوباما، حتى بعد يوم الانتخابات، كلمة واحدة بشأن أي من هذا. و إذا كان يبدي نتنياهو اهتماماً، فربما يكون في حالة غليان من فرط الغضب. ولكن "أوباما ذكي بما فيه الكفاية بحيث لا يرد على نتنياهو"، حسبما قال أولمرت.

يقول أولمرت: "العلاقات الشخصية بين رئيس الولايات المتحدة ورئيس وزراء إسرائيل هي قضية رئيسية".

 

Email