أسرار الهاتف المحمول

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصبح انتشار الهواتف المحمولة والانترنت في يومنا هذا أمرا عاديا وضروريا في الكثير من أنحاء العالم. لكن أليس هناك ضرر على صحتنا من هذا الاستخدام المطرد؟

قبل الإجابة دعونا نبحر بعجالة في أمواج حركة الهاتف. عندما تركب سيارتك وتستقبل مكالمة على هاتفك المحمول فإن أقرب محطة ارسال من موقعك ستلتقط المكالمة. واللطيف في الأمر إنه عندما تنطلق مثلا في شارع الشيخ زايد واثناء حديثك على الهاتف تقوم ترددات المكالمة بالقفز من محطة لأخرى (المحطات منتشرة على طول الشارع أو فوق أسطح بعض البنايات والمنازل) مواكبة حركتك حتى تنتهي من الحديث.

التخوف الذي يطرح نفسه دائما هو ضرر هذه المحطات المنتشرة والترددات التي تخرج منها على صحة الفرد والمجتمع. حسب تقارير منظمة الصحة العالمية فأن القلق السائد بشأن محطات الهواتف المحمولة سببه الاعتقاد بأن تعرض كامل الجسم للإشارات والترددات التي تنبعث منها يمكن أن يؤدي إلى آثار صحية على المدى البعيد. تشير القياسات والدراسات الحالية إلى أن مستويات التعرض للتردد المنبعث من المحطات المذكورة في الأماكن التي يتواجد فيها الجمهور(بما فيها المدارس والمستشفيات) اقل من الحدود الدولية المسموح بها بآلاف المرات.

في الواقع فان الجسم يمتص الأشعة المنبعثة من البث الإذاعي FM والبث التلفزيوني بمعدل خمس مرات أكثر من امتصاصه للأشعة المنبعثة من محطة الهاتف المحمول . مع ذلك ومع العلم بأن محطات البث الإذاعي والتلفزيوني تعمل منذ أكثر من 50 عاما فانه لم يتبين ان هذه المحطات لها أية آثار صحية مؤكدة.

في السنوات الخمس عشرة الأخيرة وحسب تقارير منظمة الصحة العالمية تم نشر العديد من الدراسات التي تبحث في العلاقة بين انتشار مرض السرطان حول الهوائيات التي تبث موجات لاسلكية. ولم تجد هذه الدراسات أي دليل على أن التعرض للأشعة المنبعثة من تلك الهوائيات يزيد من مخاطر انتشار مرض السرطان. كذلك الدراسات التي جرت على الحيوانات لفترات طويلة، لم تبين أي زيادة من خطر السرطان نتيجة التعرض لمجالات التردد اللاسلكي، حتى عند الحيوانات التي تم تعريضها لمستويات أعلى بكثير من مستويات الإشعاع التي تنبعث من أبراج محطات الهواتف المحمولة أو من شبكات الاتصال اللاسلكي الأخرى.

اما بالنسبة للآثار الصحية على الدماغ لم تبين الدراسات على الإنسان أو الحيوانات، والتي تبحث في وظيفة الدماغ وسلوكه بعد تعرضها لمجالات التردد مثل تلك الصادرة من الهواتف المحمولة وجود أية اّثار صحية ضارة مع العلم ان مستويات الإشعاع التي تم التعرض لها في هذه الدراسات كانت حوالي 1000 مرة أعلى من تلك التي يتعرض لها الجمهور من محطات الهواتف المحمولة. ايضا لم تتم ملاحظة أية تغييرات ذات صلة على نمط النوم أو وظائف القلب والأوعية الدموية.

حتى الآن فان الأثر الصحي الوحيد الذي تم التعرف عليه عن طريق الأبحاث العلمية يعود إلى الارتفاع في درجة الحرارة (أكبر من درجة مئوية واحدة ) نتيجة التعرض لكثافة إشعاعية عالية والتي تتواجد فقط في بعض المؤسسات الصناعية مثل المسخنات التي تستخدم نفس النوع من الترددات. بعض الناس يشعرون أن المخاطر الآتية من التعرض لأشعة التردد اللاسلكي هي مخاطر كبيرة ومن المحتمل أن تكون شديدة أيضا. وهناك أسباب مختلفة لتخوف الجمهور منها إعلانات وسائل الإعلام عن دراسات علمية جديدة وغير مؤكدة تقود لشعور من عدم الـتأكد وإدراك انه من المحتمل وجود مخاطر غير معروفة أو مكتشفة. الأسباب الأخرى لها علاقة بعوامل جمالية والشعور بنقص الرقابة أو عدم المشاركة في عملية تحديد مواقع محطات الهواتف المحمولة الجديدة.

إن وجود برامج تربوية وكذلك التواصل الفعّال مع الناس ومشاركة الجمهور قبل تركيب مصادر التردد اللاسلكي سوف يعزز ثقة الجمهور وتقبلهم لوجود تلك المحطات. إذن، آخذين بعين الاعتبار مستويات التعرض المنخفضة جدا ونتائج الأبحاث العلمية حتى هذا التاريخ، فانه لا يوجد دليل علمي على أن الإشارات الضعيفة التي يتعرض لها الناس من محطات الهواتف المحمولة وكذلك من شبكات الاتصالات اللاسلكية الأخرى تسبب آثارا صحية ضارة.

 

Email