بنيامين نتنياهو المكروه

ت + ت - الحجم الطبيعي

(وقح وسيئ الخلق وقليل أدب.. إلخ) هذه بعض الصفات التي نعت بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ضيفه على الإليزيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويبدو أنها ليست المرة الأولى التي يكتشف فيها الفرنسيون وقاحة نتنياهو، فقد وصفه الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بالكذاب!! كما لا نعلم ما قاله عنه رؤساء فرنسا السابقون، حيث كانوا يتجنبون الحديث علناً عن كل ما قد يمس إسرائيل.

ويبدو أن نتنياهو لا يخجل حقاً ولا يفهم مبادئ الإتيكيت! فهذا (الضيف الثقيل) كما وصفه هولاند، جاء من بلده الذي شرد وقتل وذبح الأبرياء ويداه ملطختان بالدماء، إلى فرنسا ليخاطب يهود فرنسا ويدعوهم إلى مغادرة فرنسا والذهاب للعيش في إسرائيل!! كما أنه لم يلمح إلى المسألة بل قالها صراحة وبكل (وقاحة) أمام ضيفه! الذي رد عليه بأن بلد اليهود الفرنسيون هي فرنسا.

من خلال تتبعنا للعلاقات الفرنسية الإسرائيلية، ورغم التبدل الكبير الذي حصل في اتجاه السياسة الفرنسية نحو إسرائيل منذ وصول ساركوزي إلى الحكم، ومن بعده هولاند، ومدى اهتمامهما بدولة إسرائيل وأمنها وحمايتها من (العرب والمسلمين الإرهابيين غير المتحضرين)، ورغم ما يدركانه في قرارة نفسيهما عن العنصرية الواضحة التي تمارسها هذه الدولة ضد العرب .

ورغم قراءتهما لتاريخها المليء بالوقاحة والابتزاز وبجرائم العنف وسفك دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ واقتلاع أشجار الزيتون ونهب ممتلكات الغير وبناء المستوطنات على أراضي الفلسطينيين، وكل ذلك تحت غطاء ودعم غربي متحضر على مدى 65 عاماً، كان على نتنياهو وعلى أقل تقدير احترام المكان الذي هو فيه، والذي تفرضه الأعراف الدبلوماسية والأخلاقية. ففرنسا لم تقصر قط في حق اليهود لا مع هؤلاء الذين يعيشون في إسرائيل رغم ممارساتهم العنصرية.

ولا مع هؤلاء الذين يأتون إلى فرنسا، ولا تجاه يهود فرنسا ممن يحملون الجنسية الفرنسية وولدوا فيها بينما ولاؤهم يظل لإسرائيل. ولم يفهم أحد بعد لماذا جاء نتنياهو من أقاصي الدنيا ليطلق صرخته تلك إلى يهود فرنسا وهو ضيف على هذه الجمهورية التي طالما وقفت مع الشعب اليهودي ضد حقوق الفلسطينيين.

وكأن يهود فرنسا فرنسيون ولكن بمواطنة مؤقتة حتى يعودوا إلى وطنهم الأصلي؟ وكأنهم محرومون من حقوقهم في فرنسا ولا بد من العودة إلى أرضهم الأم؟ وكأن حياتهم في فرنسا أصبحت جحيماً لا يطاق، وبالتالي يتحتم عليهم العودة إلى الأرض الموعودة بـأسرع وقت ممكن؟

وأكثر ما ضايق الرئيس الفرنسي ليس فقط قلة أدب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بل انعدام المبادئ الإنسانية لدى ضيفه ثقيل الدم. فضمن برنامج نتنياهو زيارة مدينة تولوز الفرنسية لإحياء ذكرى مقتل طلاب ومدرس يهودي على يد محمد مراح في مارس الماضي.

غير أن هولاند فوجئ بأن رئيس وزراء إسرائيل بدلاً من الترحم على الموتى، استغل دمهم شر استغلال للدعاية لحملته الانتخابية القادمة، من خلال كلمة خرجت عن المألوف في مثل هذه المناسبات الحزينة! تماماً كما استغل اليهود دم أسلافهم الذين أبيدوا على يد النازيين لابتزاز الشعب الأوروبي مادياً وغزوهم فكرياً!

الواضح أن نتنياهو يمر هذه السنة بمرحلة عصيبة هو ودولة إسرائيل. فهي كدولة أصبحت أكثر عزلة مع انفجارات الثورات العربية التي لم تكتمل بعد سيناريوهاتها، وبعد تحول الأنظمة الاستبدادية في بعض الدول العربية المحيطة بإسرائيل إلى دول ذات توجهات إسلامية أصولية ستتزايد عنفاً مع مرور الوقت.

وفوق ذلك، جاءت الانتخابات الأمريكية لتؤكد قلق الإسرائيليين الذين كانوا يصلون أمام جدار المبكى لكي يفوز ميت رومني ويهزم باراك (حسين) أوباما، في الانتخابات التي انتهت بهزيمة حلفائهم الجمهوريين شر هزيمة. وحيث إن أوباما ستكون هذه المرة فرصته الثانية والأخيرة في رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، فلن يعبأ بالتالي بقضية أمن إسرائيل التي يعزف عليها المرشحون الأميركيون نفاقاً لا حباً في اليهود، ولكن لكسب أصواتهم ورضاهم.

 

Email