الأسوأ للشؤون الخارجية لأميركا

ت + ت - الحجم الطبيعي

المرشح الجمهوري للسباق الرئاسي الأميركي ميت رومني، لديه بالتأكيد الكثير من الثقة في نفوذ أميركا في الشرق الأوسط. خلال المناظرة الأخيرة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، يبدو أنه كان واثقاً من أنه يمكن أن ينهي نزعة التشدد.

ويبدو الأمر سهلاً للغاية، فالولايات المتحدة يتعين عليها أن "تعتمد"، حسب تعبيره، "استراتيجية قوية لمساعدة العالم الإسلامي وأجزاء أخرى من العالم، على نبذ هذا التطرف الشديد والعنيف". لماذا لم يفكر أحد في ذلك من قبل؟ أنا أقول لكم لماذا، لأن الأمر ساذج بشكل يائس، مثل الكثير من مواقف الشؤون الخارجية لرومني. فلنتناول باكستان، على سبيل المثال.

 كانت الولايات المتحدة تصارع الحكومات الباكستانية منذ عام 2001، لكن باكستان دولة فاشلة على نحو يائس، حيث تؤوي حركة طالبان وشبكة حقاني الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة، فضلاً عن جهاز الاستخبارات المارق والحكومة غير الفعالة بشكل كامل. وما هو أكثر من ذلك، أن الباكستانيين يكرهون بشكل كبير الولايات المتحدة ويشعرون بالاستياء تجاهها.

لا توجد مشكلة، بحسب قول رومني. مرة أخرى، حسبما قال، فإن الولايات المتحدة "سوف يتعين عليها أن تبقى مساعدة في تشجيع باكستان للتحرك في اتجاه تشكيل حكومة أكثر استقرارا، وإعادة بناء العلاقة مع أميركا".

لماذا لم نفكر في ذلك من قبل؟ الحقيقة هي أنه، منذ عام 2001، أعطت الولايات المتحدة باكستان أكثر من 20 مليار دولار في شكل مساعدات، والتي يصفها مركز "بيلفر" للعلوم والشؤون الدولية التابع لجامعة هارفارد بأنها "مساعدة يدفعها دافعو الضرائب في الولايات المتحدة لتمويل الفساد الباكستاني".

لكن رومني طرح فكرة بشأن ذلك أيضاً، حيث قال: "علينا تعديل مساعداتنا الخارجية" من أجل "التأكد أننا نمارس الضغط" ونجعل النتائج شروطاً للمساعدات.

هل يريد أن يجعل ذلك الجزء من العالم يكرهنا ويستاء منا بشكل أكبر؟ إليكم الوصفة، وهي التمسك باستمرار بإقحام أنفسنا في شؤونهم، والتهديد بقطع المساعدات إذا لم تتصرف هذه الدول بحسب ما نطلب. لقد كان متفائلاً بالمثل بشأن سوريا.

على الولايات المتحدة أن تسلّح الثوّار السوريين، "ولكن لنتأكد من أن الأسلحة لا تقع في الأيدي الخطأ". مرة أخرى، هذا شيء حاولت دزينة من الدول القيام به، والمشكلة هي أنه ليست هناك سلطة مركزية واضحة في صفوف الثوار.

تشمل الثورة مزيجاً من المنشقين عن الجيش السوري، والمواطنين السوريين الغاضبين، والمتشددين الأجانب. إنه من المستحيل تقريبا على أي شخص يتبرع بالأسلحة، أن يعرف من يأخذ الأسلحة بالفعل. فإذا كان دزينة من أجهزة الاستخبارات الأجنبية لم تتمكن من تمييز ذلك خلال العام الماضي، فلماذا يعتقد رومني فجأة أنه يمكنه أن يقوم بشيء أفضل؟ هذا أمر ساذج مرة أخرى.

والحق يقال إن استراتيجية الرئيس أوباما تجاه سوريا آخذة في الفشل. فعلى امتداد عدة أشهر حتى الآن، ظلت الإدارة الأميركية تحث الدول العربية على الحد من تزويد الثوار السوريين بأنواع من الأسلحة، مثل البنادق والقنابل اليدوية وما شابه ذلك. والفكرة هي الحيلولة دون وصول الأسلحة الثقيلة لتنظيم القاعدة، والموردون الرئيسيون للأسلحة يمتثلون لذلك.

ولكن في الواقع، نظراً لأن الصراع يدخل في طريق مسدود، فإنه يصل الآن إلى شهره العشرين، ولهذا السبب يوشك عدد القتلى من السوريين أن يصل إلى 30 ألف شخص. والنتيجة الأخرى للسياسة الأميركية، هي أنه في حين أن حالة الجمود مستمرة، فإن المزيد والمزيد من المقاتلين المتشددين يتدفقون إلى سوريا.

قبل بضعة أشهر، اتهم رومني أوباما باتباع "سياسة الشلل" في سوريا، وتعهد بأن يمد الثوار بقاذفات مضادة للطائرات وأسلحة ثقيلة أخرى. ولكنه مؤخراً دعا إلى المستحيل، وهو تصنيف الثوار وتزويد العناصر "الجيدة" فقط بالأسلحة.

ولكن بالطبع ليست هذه هي أول مرة يغير رومني فيها موقفه، فقد انتقد الرئيس أوباما، مطالباً بمعرفة "هل إسرائيل والفلسطينيون يقتربون من التوصل لاتفاق سلام؟" منذ تولي أوباما منصبه. ويبدو أنه قد نسي ما قاله للمانحين الأثرياء بشأن هذه المسألة في وقت سابق من هذا العام: "أنتم تدركون أن هذه سوف تبقى مشكلة دون حل"، لذلك "فإننا نسعى لنوع من التعايش معها، ونحن نركل الكرة إلى الملعب، على أمل أنه في نهاية المطاف وعلى نحو ما، سوف يحدث شيء ما".

مناظرته تقدم نصيحة بشأن صناعة السيارات الأميركية، في حين أنها لا تقدم نصيحة بشأن الشؤون الخارجية المباشرة، وكل هذا يعد نموذجياً للغاية.

وقال: "أنا ابن ديترويت"، لذلك فهو بالتأكيد لا يمكن أن يكون قد جادل ضد إنقاذ الصناعة قبل أربع سنوات، على حد اتهام أوباما.

حسناً، فكيف يفسر هذه العبارة من المقالة الافتتاحية لصحيفة نيويورك تايمز في عام 2008: "إذا حصلت شركات جنرال موتورز وفورد وكرايسلر على معونة الإنقاذ التي طالب بها رؤساؤها التنفيذيون أمس، فتلك هي نهاية صناعة السيارات الأميركية". حاول رومني اختلاق تبريرات لهذا قبل بضعة أشهر، وقال: "لقد دفعت فكرة إفلاس مدبّر، لذلك فسوف يكون لي الكثير من الفضل في حقيقة أن هذه الصناعة قد عادت".

 

Email