رومني ومتاعب الحملة الانتخابية

ت + ت - الحجم الطبيعي

افتتح برنامج "ساترداي نايت لايف" موسمه الجديد بمشهد هزلي، يقر فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن "الأمور ليست على ما يرام، فالاقتصاد في تراجع" و "سوق العمل مروع"، ولكنه يقول إنه ليس قلقا بشأن ذلك لأن حملته تملك "سلاحا سريا" يضمن الفوز. وينقلنا المقطع بعد ذلك إلى: ميت رومني.

عندمـا يعتقد الساخرون أن فكرة فشل حملتك قد تم استيعابها بما يكفي لاسـتخدامها كأسـاس، فإنك تعرف حينها أنك في ورطة. والسؤال هو: لماذا؟ كما كتبت كيسي هانت من وكالة "أسوشيتد برس" فـي مقـالة حول عدم الرضا عن "قمة ناخبي القيم" الأخيرة: "النشطاء الجمهوريون مرتابون: لمَ يعجز المرشح الجمهوري ميت رومني عن خوض سباق متقارب مع الرئيس باراك أوباما بالنظر إلى الاقتصاد الأميركي الراكد وتحمس المحافظين للتغلب على الديمقراطيين؟".

لمـاذا حقا؟ كما قال القائم بدور الرئيس أوباما في برنامج "ساترداي نايت لايف"، فإن الأمور ليست على ما يرام. فمعدل البطالة في أميركا لا يزال يفوق 8%. ولا يزال هناك أكثر من 20 مليون شخص عاطل عن العمـل كليا أو جزئيا. ومع ذلك، وفي أربعة استطلاعات رئيسية، تعادل الرئيس أوباما الحقيقي مع رومني حول مسألة من سيدير الاقتصاد بشكل أفضل. وقد أعطى خبير الاستطلاعات نيت سيلفر من صحيفة "نيويورك تايمز" الرئيس أوباما 75% من فرص الفوز.

فما السبب وراء مشكلات رومني؟ إن حملته تضم العديد من المحترفين المتمرسين. وبالتأكيد، فإن السبب ليس نقصا في المال. حيث جمع أنصار رومني، ما بين الحملة واللجنة الوطنية للحزب الجمهوري ولجان العمل السياسية الخارجية، أكثر من نصف مليار دولار. وفي حين أن بعض المحافظين يتذمرون بالفعل بشأن "انحياز وسائل الاعلام،" فإن ذلك ليس هو السبب ـ بصرف النظر عن الميول الشخصية للعاملين في وسائل الإعلام الرئيسية، فإن ما يحبونه قبل كل شيء هو تغيير السرد. إذ لن تحب وسائل الإعلام شيئا أكثر من حبها لقلب السرد، والاستمتاع بأسبوع أو اثنين من قصص "لم يزل أوباما متقدما، ولكن احترسوا ـ فها هو رومني يتقدم أيضا!". ومن يدري، قد يستمر ذلك في الحدوث، إلا أن حملة رومني لا تعطيها الكثير لتعمل عليه.

وهكذا فإنه إذا لم يكن السبب يتعلق بالظروف الخارجية أو المال أو المواهب، فلا بد من أنه يتعلق بسوء اتخاذ القرارات.

وما الذي يكمن وراء هذه القرارات السيئة كلها؟ إليكم نظريتي: قلة النوم. ولدي أدلة على ذلك (على الأقل دليل واحد)! بينما كنت في المؤتمر الوطني الديمقراطي في مدينة شارلوت، أخبرني صحافي مطلع أن كبير مستشاري رومني إريك فهرنستورم لا ينام إلا لثلاث أو أربـع سـاعات، واضعـا أجهزته بجانبه، ثم يستيقظ ويتحقق من بريده الإلكتروني، ويرسل الردود، ومن ثم يحصل على ساعة نوم أخرى، وقد لا يفعل ذلك. وإذا كانت عادات فهرنستورم تدل بأي شكل من الأشكال على طريقة عمل حملة رومني بشكل عام، فقد حللنا اللغز إذن!

ولعلكم تذكرون أن فهرنستورم هو مستشار رومني، الذي قال في مارس الماضي إنه سيكون من السهل على حملة رومني أن تبدل سرعتها من المعركة الأساسية لأنها "ستضغط على زر إعادة الضبط فحسب، كما في لعبة (احفر رسما تخطيطيا) تقريبا". لِمَ قد يقول أحد كبار أعضاء حملة ما شيئا كهذا؟ ربما لأنه بدلا من الضغط على زر إعادة الضبط، يحتاج إلى الضغط على زر الإطفاء في هواتفه وأجهزة الكمبيوتر الخاصة به، والحصول على قدر أكبر من النوم، مما سيؤدي إلى تصفية ذهنه وتحسين أحكامه.

ومنذ فترة وجيزة، أظهرت دراسة أجراها باحثون في معهد "رينسيلار" للتقنيات المتعددة أن الضوء المنبعث من الشاشات مضاءة الخلفية يتدخل في عملية إنتاج الميلاتونين في الجسم، الذي يساهم في التحكم في ساعة الجسم الداخلية وينظم دورة النوم.

وكما أشرت سابقا، فإن النوم يلعب دورا حيويا في عملية صنع القرار. ووفقا لقسم طب النوم في جامعة هارفارد، فإن قلة النوم كانت "عاملا مهما"، أو لعبت "دورا حاسما" في حادثي ثري مايلز أيلاند وتشيرنوبل النوويين، وفي دمار ناقلة النفط "إكسون فالديز"، وانفجار المكوك الفضائي "تشالنجر".

ويقول أطباء النوم في جامعة هارفارد: "إن الحرمان من النوم يؤثر سلبا على حالتنا المزاجية، وقدرتنا على التركيز، وقدرتنا على بلوغ مستوى أعلى من الوظائف المعرفية. ومجموع هذه العوامل هو ما نشير إليه عموما بالأداء العقلي".

لذا فإننا، مـن خـلال جمع الأدلة، نجد أن قاتل فرص رومني في الفوز يمكـن أن يكـون الحرمان من النوم السائد بين كبار مستشاري حملته.

هل أقول إنه سيفوز على أوباما لو حصل موظفوه على مزيد من النوم؟ لا، ولكن لا ضير في ذلك في هذه المرحلة. ففي حين أن مبلغ نصف مليار دولار هو مبلغ عظيم، فإن "بلوغ مستوى أعلى من الوظائف المعرفية" و "الأداء العقلي" أعظم.

 

Email