الأسرة وصحة الفرد

ت + ت - الحجم الطبيعي

تلعـب الأسـرة السوّية دوراً جوهرياً في تكوين أفراد وبالتالي مجتمع سليم من الناحية الصحية والنفسية والاجتماعية. وللوصول الى هـذه الغـاية يجب تسليط الضوء على اللبنة الأساسية للأسرة وهو الفرد ذكراً كان أم أنثى، سأتناول عدة مراحل صحية في حياة الفـرد والعلاقـة بين هذه المراحل ودور الأسرة الإيجابي في كل منها.

المرحلة الأولى هي عندما يكـون الفـرد جنيناً في بطن أمـه وحـتى قبـل ذلك (عـند انعقاد النطفة). فالعلاقـة الحميمة بين الزوج والزوجة المبنية على التفاهم والثقة والمحبة تنعكس إيجابياً في روح الجنين.

وأيضـاً التأكد من عدم وجود القابلية لإنجاب فرد يحمل أمراضـاً وراثيـة (فحوصات ما قبل الزواج) أو تشوهات خلقية (تجنب التدخـين من أحد الزوجين أو كليهما، الكحول، بعض الأدوية). وفي هذا الخصوص وجدت أكثر من دراسة ان إكثار المرأة الحامل من ذكر الله وقراءة القرآن والابتعاد عن الأجواء المشحونة ينتج مواليد بدون اللجوء للعملية القيصرية، وبأوزان جيدة وفي صحة وعافية.

تسمية الفرد والرضاعة الطبيعية هي المرحلة الثانية. قد يستغرب البعـض في ماهية العلاقة بين الاسم والصحة. التسمية المقبولة عرفاً تنعكس إيجاباً في شخصية الفرد وثقته بنفسه وبالتالي في صحته.

أمّا الرضاعة الطبيعية فالقرآن الكريم، وقبل جميع الدراسات الحديثة أنهى الموضوع في الإيجابيات اللامتناهية لحليب الأم. وهنا يأتي دور الأسرة مرة أخرى. فنوعية اكل المرضعة ونفسيتها ودور الزوج في التشجيع المستمر تحقق الهدف المنشود. وهنا اذكر بعجالة الدور الإيجابي لبيئة العمل في دعم المرضعات.

دولتنا الحبيبة التفتت لهذا الأمر وتم ترجمته بإيجاد ساعات خاصة للرضاعة في قوانين الموارد البشرية. ومن هذا المنبر اقترح ايجاد غرف خاصة في كل بيئة عمل تعطي المجال للأمهات المرضعات من اخراج الحليب والاحتفاظ به في ثلاجات خاصة لكي يعطى للرضيع بعد رجوع الأم الى المنزل.

المرحلة الثالثة هـي مرحـلة الطفولة، الطفل ورقة بيضاء تنطبع عليها كل حركة وفعل وسلوك من محيط الأسرة. وهذه مرحلة مفصلـية. كـثير من الدراسات وجـدت ان بدايـة التدخين عند الكثيرين كـانت في مرحلة الطفولة نتيجـة رؤية احـد الوالدين يقـوم بهـا.

السمنة كذلك والتي اصبحـت ظاهـرة خطيرة عند الأطفال هي نتاج محيـط الأسرة التي تقـل فيـها الرياضة والحركة وتزيد فيـها ما لـذ وطـاب مـن الأكـل. فاشتراك الأبوين في الأندية الصحية وتوفير الأكـل الصحـي في المنزل سيجعلان الطفل تلقائياً يستقبل هذه السلوكيات بالطبيعية وسيعيدها في الكبر مع أسرة المستقبل.

مرحلة المراهقة والشباب وهي الرابعة لها تحـدياتها الخاصـة، إثبـات الذات وأسلوب التفكير المبني على " كل ممنوع مرغوب" و" خالف تعرف" تجعل دور الأسرة ليس بالسهل في منع المشاكل الصحـية والنفسية عـن الفرد المعني.

وهنا يأتي دور الحوار وتفهم كل موقف على حدة. كلمة "عيب" قد تكون لها آثار مدمرة على المراهق والشاب وأخطرها الأمراض المعدية، لكن شرح تبعات السلوك سيكون له أثر السحر في نفسية المراهق.

وهنا نرجع الى مرحلة الطفولة قليلاً. فالطفل اذا وجد محيط الأسرة يعتمد اسلوب الحوار وشرح السبب عن عدم الموافقة لشراء لعبة ما وكذلك عند تحاور الزوج والزوجة بأسلوب العقل والمنطق، لن يواجه أي صعوبة اثناء المراهقة في تقبل اسلوب الحوار.

أما السرعة الزائدة وما ينتج عنها من حوادث مميتة وإصابات وعاهات مستديمة، فبالإضافة الى دور الأسرة هناك جهات عدة لها أدوارها كالشرطة والمدرسة والإعلام والحمد الله الجميع يقدم ما عنده من إمكانيات قدر المستطاع.

المرحلة الخامسة هي الزواج وتكوين الأسرة، وهنا يأتي دور اختيار الشريك المناسب من النواحي الدينية والخلقية والتي هي أهمها، بالإضافة الى النواحي الصحية. وهذه المرحلة مرتبطة مباشرة بالمرحلة الأولى وبها تكتمل الحلقة. فعندما يتمتع الشاب والشابة بصحة جيدة وعافية ستكون احتمالية الإنجاب الصحي عالية وستكون عجلة الإنتاج المحلي خالية من الأمراض.

وهنا يجب الإشارة الى الأهمـية الكبيرة للخطوة الإيجابية بإلزامية فحص ما قبـل الزواج لإيجـاد نشء ومجتمع صحي سليم لكن التبعات الإيجابية لهذه الفحوصات ستكون اكبر اذا تم إلزام هذا الفحص عند دخول الجامعة وبالذات للأمراض الوراثية وأخص بالذكر فحص الثلاسيميا. التحدي الحالي لفحص الثلاسيميا ان عدداً ليس بالقليل من المقبلين على الزواج يقومون بالفحص أياماً أو أسابيع قبل عقد القران ومهما كانت النتيجة يتم العقد.

لكن لو تم عمل الفحص الوراثي في المرحلة الجامعية مع وضع مساق تدريسي بسيط عن طبيعة هذه الأمراض وآثارها، سيوجد لدينا جيل واعٍ يتأكد من خلو صفات هذه الأمراض في شريك المستقبل في مرحلة مبكرة جداً والتي بدورها قد تساعد بشكل كبير في اختفاء الأمراض الوراثية في أجيالنا القادمة.

 

Email