الإسلام والمسلمون والصراع العالمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما هو الإرهاب؟

هذا هو السؤال المصيري الأعظم، الذي كان ينبغي أن يُطرح في اجتماع القمة الإسلامية الذي انعقد مؤخرا.

هناك غياب عالمي لتعريف الإرهاب، وهذا الغياب يستغله الغرب ليدمغ بجريمة الإرهاب أي فكر أو قول أو فعل أو موقف، يتعارض مع المصالح الذاتية للكتلة الغربية. وانطلاقاً من هذا التوجه، يستهدف الغرب الإسلام كعقيدة عالمية والمسلمين كشعوب.

ومما يساعد على ترويج الرؤية الغربية، عجز الدول الإسلامية عن التحرك ككتلة موحدة، في ساحة العلاقات والصراعات الدولية في هذا العصر. والأخطر من ذلك أن غالبية الدول الإسلامية تتماهى - لأسباب سياسية - مع المنظور الغربي لمكافحة الإرهاب العالمي.

إن اجتماعات القمة الإسلامية كاجتماعات القمة العربية، ليست سوى مناسبات للتوافق حول صياغات لفظية فاقدة المضمون وتعتمد التمجيد الذاتي.

وطالما بقيت الدول الإسلامية مفتقرة إلى العمل كجبهة موحدة ومستقلة، فإنها سوف تظل أسيرة المفهوم الغربي الانتقائي لما يطلق عليه «مكافحة الإرهاب العالمي».

والأمثلة على ذلك تكاد تكون بلا حصر.. وأبرز هذه الأمثلة موقف غالبية الدول الإسلامية من مبدأ نهج المقاومة الفلسطينية، في مواجهة حركة الاستيطان الاحتلالي الصهيوني على الأرض الفلسطينية.

وبينما تتبنى الكتلة الغربية الموقف الإسرائيلي الثابت بأن المقاومة المسلحة في هذه الحالة تعتبر جزءا من الإرهاب، فإن معظم الدول الإسلامية تشارك عملياً في هذا المفهوم.

ومما يدعم هذه المشاركة، أن قيادة السلطة الفلسطينية تجعل من معارضتها لنهج المقاومة المسلحة استراتيجية علنية ثابتة. وهذا مما يفسر لنا لماذا تواصل إسرائيل التوسع في حركة البناء الاستيطاني، باطمئنان كامل.

وقد تجلت سلبية موقف الدول الإسلامية بصورة أكثر وضوحاً، عندما تعرض قطاع غزة قبل بضع سنوات لهجوم إسرائيلي كاسح برا وجوا وبحرا، بهدف كسر شوكة تنظيم «حماس»، وعلى مدى 18 يوما تواصل هذا الهجوم الكاسح الشامل، مع حالة حصار كامل للقطاع، دون أن يتجاوز رد فعل الدول الإسلامية إصدار بيانات إعلامية.

هناك أيضاً قضية كشمير. ومما يجعل قضية كشمير تتماهى مع القضية الفلسطينية، هو أن القضيتين أجل شأناً من مجرد احتلال أجنبي. ذلك أن كليهما قضيتا شعب مسلم، استولت على أرضه قوة غير إسلامية. ومن عجائب المصادفات أن احتلال فلسطين بواسطة إسرائيل، تزامن مع احتلال كشمير بواسطة الهند.

هنا تتجلى السياسة الانتقائية الغربية، في التعامل مع قضايا العالم الإسلامي.

المجموعة الغربية تدعم سياسة الاضطهاد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، بقدر ما تدعم الاضطهاد الهندي ضد الشعب الكشميري، لأن كلا من إسرائيل والهند تجمعهما علاقة تحالفية مع الغرب. لكن الحكومات الغربية تنهض الآن لنصرة الأقلية الإسلامية، التي تعاني اضطهادا منظما من النظام الحاكم في ميانمار. لماذا؟ لأن ميانمار يحكمها نظام معادٍ للغرب.

في اجتماع القمة الإسلامية الأخير، وردت في البيان الختامي إدانة من كلمات قوية ضد حكومة ميانمار، بشأن الجرائم اللاإنسانية التي ترتكبها هذه الحكومة في حق الأقلية الإسلامية، وطالبت القمة حكومة ميانمار بالكف عن سياسة التنكيل بهذه الأقلية.

إنها إدانة صريحة ومتينة، ولكن لماذا فضلت مجموعة الدول الإسلامية الانتظار إلى أن تصدر إدانة من الغرب أولا؟

كما سبقت الإشارة، فإن على دول «منظمة التعاون الإسلامي» أن تتحرك كجبهة موحدة، لكي تتمكن من إثبات وجودها في ساحة الصراع الدولي. لكنها قبل أن تتكتل كجبهة موحدة، عليها أولا أن تتوصل إلى رؤية موحدة ومستقلة تماما، تجاه عالم اليوم.

 

Email