الجرائم وضرورة تشديد العقوبات

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصبحت ظاهرة البحث عن حوادث الجرائم على صفحات الجرائد اليومية تفوق البحث عن أخبار الثورات العربية. الكل أصبح يفتش بمجرد شراء صحيفته عن آخر الجرائم التي سمحت السلطات المختصة بنشرها. في السابق كانت صحفنا لا تنشر إلا الجرائم المعتادة. اليوم أصبحت صحفنا تتنافس على البحث عن آخر المستجدات في هذا الموضوع وتبعث بمراسليها لعمل التحقيقات المطولة عن أبشع الجرائم مدعمة بالصور والشهود.

هذه الظاهرة تأتي أهميتها من الازدياد الملحوظ في نسبة الجرائم التي ترتكب على أرض وطننا الحبيب. وربما يقول البعض بأنه ازدياد طبيعي بسبب ازدياد عدد سكان الدولة والذي قد يصل إلى أكثر من 8 ملايين نسمة. بالطبع، نسبة المواطنين معروفة للجميع، ولا حاجة إلى إعادة التذكير بها. ولا حاجة لترديد اسطوانة أن زيادة الأجانب قد غيب بشكل واضح نسبة المواطنين، التي قد تصل إلى 2 إلى 8.

النسبة الكبرى من هؤلاء الأجانب بمن فيهم العاملون والموظفون والمتسللون أو المخالفون ممن جاءوا بغرض الزيارة ثم استقروا ولم يعودوا إلى موطنهم الأصلي، هم من قارة آسيا. ثم أن النسبة العظمى من بين جميع هؤلاء هم من غير المتعلمين، وتم استجلابهم ليقوموا بأعمال لا تتطلب شهادات كفاءة معينة كأعمال التنظيف والبناء وغيره.

ولا يتطلب للأسف الشديد الحصول على التأشيرة والإقامة بدولة الإمارة ضرورة تقديم شهادة حسن سير وسلوك صادرة من بلدانهم أو البلدان التي عملوا فيها سابقا. وبالتالي، لا أحد يعلم إن كان من بين هؤلاء خريجو سجون أو أصحاب سوابق أو حتى مجرمي حرب.

ليست الجريمة في حد ذاتها فقط ما يبحث عنه المواطن أثناء تصفحه لجريدته اليومية، ولكن نوعية الجريمة. فلم يعد يعير انتباها إلى حوادث السرقة بل إلى تفاصيل الجرائم الكبرى. وبالفعل، هناك جرائم تقشعر لها الأبدان، وأخرى تثير الاشمئزاز أو الحياء والغضب... وخصصت لها الجرائد مربعا على صفحاتها الأولى.

نحن كمواطنين لا نبحث عن أخبار الجرائم المستجدة، بل التعبير عن خشيتنا الداخلية أمام تزايد هذه الجرائم البشعة، التي تصل إلى قيام القاتل بالتنكيل بجثة ضحيته بسبب خلاف تافه على مبلغ مالي قد لا يتعدى المائة درهم، أو للانتقام لشرفه أو للرد على إهانة وجهت إليه. وقلق المواطن هنا له أسبابه.

حيث إن هذه الجرائم تنفذ بدم بارد. وحيث إن كل مواطن يعتمد في بيته على أكثر من عامل آسيوي، من سائق السيارة إلى المزارع إلى الشغالة إلى المربية إلى الطباخة كل في تخصصه، والذي قد يصل عددهم في المنزل الواحد إلى خمسة في خدمة ثلاثة، فإن مثل هذه الجرائم التي يبحث عنها تشعره بأنه ولله الحمد ما زال حيا وليس من بين المجني عليهم.

والسرقة أيضا أصبحت لا تقتنع بالمائة درهم، كما كان قبل ثلاثين سنة، بل تعداه إلى ملايين الدراهم، وسرقة عملاء البنوك والتحايل بالملايين على الشركات بشيكات بدون رصيد وجلب المخدرات وانتشار فنيي السحر والشعوذة من كل بلد وقطر ومنهم من قبض عليهم ومنهم من ينتظر، فهذا يفرق بين الزوج وزوجه وتلك تضع قاذوراتها الشخصية في طعام العائلة على مدى 3 سنوات، وتلك تقتل مخدومتها لأنها منعتها من السفر... وهلم جرا..

إن أعداد الجرائم المنشورة في الصحف لا تمثل بالتأكيد الأعداد المسجلة يوميا في سجلات الشرطة والمحاكم، ولكن ما هو الحل؟

لابد من تشديد العقوبات بشكل يردع الآخرين عن ارتكاب هذه الجرائم، أما الحل المعمول به حاليا بأن يسجن لفترة قصيرة (واكل شارب) ثم ليبعد إلى بلده على حسابنا على الدرجة السياحية ليصل بحمد الله سالما معافى، ثم ليعود بعد ذلك بأوراق ثبوتية مزورة ليرتكب جريمة أبشع، فلا أتصور إلا أن هذا يشجع على ازدياد الجريمة على أرضنا الطيبة...

 

Email