حذار! التطرف في أوروبا..

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما حدث قبل فترة على الهواء مباشرة في القناة الأولى اليونانية، عندما قام المتحدث الرسمي لتشكيلة الحزب النازي اليوناني الجديد برش كأس من الماء في وجه النائبة من حزب اليسار الراديكالي ثم شتمها بألفاظ غير لائقة وقيامه بعد ذلك بصفع النائبة الشيوعية صفعتين محترمتين أكملهما بلكمة قوية على وجهها، يثير عدة أسئلة على مستقبل الاتحاد الأوروبي. بل أوروبا بأكملها. فهذا المتطرف اليميني الذي يحمل شعار «النازيون الجدد» سيدخل البرلمان اليوناني قريباً ليمثل أكثر من 7٪ من أصوات الشعب اليوناني. وهي نسبة مخيفة في دولة كاليونان.

مساحة اليمين المتطرف بدأت تتسع بشكل مطرد في القارة الأوروبية، ولهذا التوسع أسبابه المنطقية. وأولى هذه الأسباب التدهور الاقتصادي الذي اجتاح الولايات المتحدة ثم اتجه نحو أوروبا الموحدة الواحدة تلو الأخرى بما يشبه رياح الخريف التي تسقط أوراق الشجر. وحيث إن المتطرفين الأوروبيين لا يصطادون في زمننا الحاضر سوى في الماء العكر.

فقد كانت الأزمة الاقتصادية وسياسة التقشف التي فرضت على الشعب الأوروبي فرصة لا تعوض للمتطرفين لاختراق ساحة الأحزاب المعتدلة وعمل شرخ في وحدة الكيان الأوروبي للوصول إلى قلوب المواطنين الذي تقطعت بهم السبل.

فعندما تجوع البطون تقع كل السياسات والمبادئ في مهب الريح، وتصبح أسوأ الأحزاب أفضلها عندما تقدم لها طبقاً ساخناً على صحن من ذهب، حتى ولو كان في الأحلام. واستغل الحزب النازي الجديد في اليونان جوع شعبه وحصد منهم أكثر من 6% من أصواتهم ليدخل لأول مرة منتصراً في مجلس الشعب اليوناني الذي يعتبر أول مجلس شعبي في التاريخ. فإذا بالديمقراطية في أوروبا تتحول إلى سلاح ذي حدين، فلا يمكنها أن تمنع مثل هذه الأحزاب من أن تعبر عن توجهاتها وهي تعلم في داخلها مدى خطورتها على المدى الطويل خاصة عندما استطاعت أن تجمع نسباً كبيرة من بين أصوات المنتخبين.

وظاهرة اتساع مساحة الأحزاب النازية التي تلبس قناع اليمين في أوروبا لم تقتصر على اليونان فحسب. فهذا الحزب موجود منذ زمن طويل في أوروبا وبالخصوص في ألمانيا، حيث ظهر لأول مرة كما كان موجوداً في الولايات المتحدة الأميركية وما زال. ونتائج انتخابات الرئاسة في الدورة الأولى في فرنسا منحت اليمين المتطرف ما يقارب من الـ 18% من أصوات الفرنسيين. وهي نسبة غير طبيعية، وبذلك جاء حزب اليمين المتطرف في المرتبة الثالثة بعد حزب اليسار واليمين المعتدل.

النتيجة، أن الأزمة الاقتصادية الأوروبية كلما استفحلت كلما فتحت المجال واسعاً لانتشار ظاهرة النازيين الجدد. وهؤلاء يشعرون في داخلهم بحقد متوارث على اليهود منذ أزمان طويلة ويعتبرونهم سبب البلاء الاقتصادي في أوروبا وفي العالم باحتكارهم وألاعيبهم وهيمنتهم الخفية والمتواصلة على المصارف وأسواق المال والمناصب العليا في الدولة، في الوقت الذي لا ينتمون لا عرقياً ولا فكرياً ولا وطنياً إلا إلى وطنهم الموعود إسرائيل.

وكما نعلم فإن الأزمة المالية في الولايات المتحدة الأميركية ألقي بجزء كبير من اللوم فيها على اليهود واحتكارهم لرؤوس المال الأميركية والعالمية. وإن هناك من اتهم سياسة بوش الذي أفنى الخزينة الأميركية على حروبه الفاشلة ضد الإرهاب والتي انتهت بإفلاسها ومن ثم تهاوي المؤسسات المصرفية الأميركية الواحدة تلو الأخرى وافتضاح قضايا الفساد .

والذي كان على رأسها أيضاً مصرفيون يهود، وما نتج عنه من انهيارات في أوروبا، يرون أن دور اللوبي الصهيوني كان كبيراً جداً في إدارة سياسة الولايات المتحدة الأميركية العدوانية الخارجية بغرض الدفاع عن وجود الكيان الصهيوني في إسرائيل. لذا لا نستغرب من عودة النازيين الجدد في أرض خصبة مملوءة حقداً على كل من كان سبباً في تعاسة شعوب العالم وتحول دولة كاليونان إلى دولة مدانة بمليارات الدولارات!

فهل ستحكم دول أوروبا التي تعاني معظمها من أزمات اقتصادية جماعات وقطعان النازيين الجدد؟

 

Email