هل انتهت الثورة في مصر؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل أصبحت مصر بحاجة إلى ثورة ثانية؟ أنظر في الشخصيات التي تحتل مواقع سلطات الحكم العليا:

على الموقع الأعلى للسيادة يجلس جنرالات المؤسسة العسكرية الذين عينهم الرئيس المخلوع مبارك في مناصبهم، ومن هذا الموقع ظل المجلس العسكري يمارس صلاحيات تشريعية وتنفيذية بصورة مطلقة.

وجدير بالذكر أنه في منصب وزير الدفاع المؤتمن على ولاء الجيش للسلطة الحاكمة لعهد مبارك خدم طنطاوي نظام مبارك لمدى عشرين عاما متصلة؟، هذه المجموعة من الجنرالات بمن فيهم طنطاوي هم الذين عهد إليهم بسلطة الحكم.

والسؤال الذي يطرح في هذا السياق هو: هل يكفي هذا لاسباغ هوية شرعية على طاقم المجلس العسكري أم أن المجلس كما يرى البعض مجرد امتداد لعهد مبارك؟، هذا هو السؤال الحاسم الذي كان ينبغي أن تتوقف عنده التنظيمات الشعبية التي فجرت ثورة الشارع في الخامس والعشرين من يناير عام 2011 لتتأكد تماماً من أن الهدف الاستراتيجي الأعظم ليس إعادة إنتاج نظام مبارك بموجب سيناريو تتوالى حلقاته تباعاً على مدى 15 شهراً.

أنظر مرة أخرى في الشخصيات النافذة الجالسة على مواقع السلطات العليا:

على مستوى السلطة التنفيذية حكومة شكلها المجلس العسكري على رأسها رئيس وزراء من رجال عهد مبارك يخضع تماما لسلطان العسكريين. وعلى مستوى أجهزة العدالة يبقى النائب العام في منصبه دون تغيير. وكذلك يبقى رئيس المحكمة الدستورية، لقد رأينا النائب العام يقدم قضية الاتهام ضد الرئيس مبارك ووزير داخليته. لكن لماذا صدر قرار القاضي بعقوبة مخففة على كليهما؟

 ولماذا صدر قرار ثانٍ من المحكمة بتبرئة مساعدي وزير الداخلية؟، الإجابة ليست عسيرة. لقد تعمد الادعاء من موقعه القانوني أن يقدم إلى المحكمة قضية مهلهلة تعتمد على أدلة هزيلة ضد الرئيس بحيث يبدو أن قضاة المحكمة ــ لا النيابة العامة ــ هم المسؤولون عن صدور الأحكام المخففة.

في القضية الدستورية حدث شيء مختلف. فبإصدار حكم يقضي بإبطال قانون انتخابات مجلس الشعب ــ وبالتالي حل المجلس ــ وابطال قانون آخر بشأن الانتخابات الرئاسية لصالح المرشح أحمد شفيق كشفت المحكمة عن هويتها السياسية. ورئيس المحكمة الدستورية عين في منصبه بقرار من الرئيس المخلوع مبارك.

لقد قال قادة تنظيم الإخوان المسلمين «إن الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية تأتي ضمن انقلاب كامل الأركان». وقالوا إن هذا الانقلاب بدأ بتبرئة كل مساعدي وضباط وزارة الداخلية .. ثم الأزمة المصطنعة مع القضاء .. ثم منح الضبطية القضائية للشرطة العسكرية والاستخبارات العسكرية .. ثم حل البرلمان المنتخب وفقا لقانون أصدره المجلس العسكري وإسباغ مشروعية دستورية لترشح أحمد شفيق قبل بدء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بأقل من 48 ساعة.

ربما تكون فعلا حالة انقلابية لكن هناك استدراكان ينبغي تسجيلهما:

أولا: أن بداية التدبير الانقلابي كانت حين قام الرئيس مبارك بتسليم سلطة الحكم العليا إلى طاقم كبار العسكريين.

وثانيا: ان طاقم المجلس العسكري ما كان له أن يحكم سيطرته السلطوية بسهولة لولا المساندة التي حظي بها من قيادة تنظيم الإخوان المسلمين نفسه. وربما لهذا يعتقد الكثيرون أن ثمة صفقة عقدت في وقت مبكر بين الطرفين يدعم التنظيم بموجبها ممارسات المجلس العسكري بما يضفي عليها هوية شرعية في مقابل أن يساعد المجلس العسكري تنظيم الإخوان في تطبيق مخططه للإنفراد بأجهزة السلطة التنفيذية.

لهذا يرى البعض أن مسايرة المجلس العسكري لتنظيم الإخوان لم تكن سوى «تكتيك» مرحلي ذو أهداف مستقبلية.

وبعد .. أين يتجه مسار الثورة في مصر؟

علينا أولاً أن نقر أن نظام مبارك و«الحزب الوطني» مازال قائما كما كان مع إعادة إنتاج شكلية،ولقد تبخرت الثورة قبل أن تحقق هدفها الأعظم .. وبالتالي فإن مصر أصبحت بحاجة إلى ثورة ثانية.

 

Email