7x7

توطين جيش وشرطة الاقتصاد

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر قطاع التدقيق المالي والمحاسبي المطلع على كل أرقام وتفاصيل اقتصادنا وبيناته المالية.

وليس هذا فحسب لكن أيضاً هو الذي يعتمد هذه الأرقام التي تصب في العملية المالية للبنوك والشركات وتوضيح المراكز المالية لها.

وتلعب شركات ومكاتب التدقيق المالي بالدولة وكل دولة في العالم أهم الأدوار الاقتصادية فهي الحراس والأمناء على الاقتصاد.

بلغ الاهتمام بالتوطين في هذه المكاتب وممارسة هذه المهنة على المستوى الخليجي نجاحا مهما حيث توطنت في بعض دول الخليج تقريبا بالكامل مثل البحرين والكويت والسعودية والى حد ما عمان. لكن حال الامارات لا يسر تماماً حيث إنه لا يسمح للمواطنين بدخول هذه المكاتب بنظام التطفيش، الأولى، عبر آلية الراتب والثانية عن طريق ضغط العمل مع العلم أن طبيعة العمل قاسية تحتاج الى تلطيف واستقطاب.

مررت بنفسي في هذه التجربة ببداية حياتي المهنية وأيضاً مجموعة من أصدقائي، قدمنا سيرتنا الذاتية للمكاتب العالمية الستة الكبرى في ذاك الوقت لم يجاوبنا ولا مكتب، فذهبنا الى معارفنا الذين يعرفون ملاك هذه المكاتب العالمية ليقبلوا السيرة الذاتية ويمنحوا شرف المقابلة لهؤلاء المواطنين الذين يتمنون اكتساب الخبرة الدولية والعالمية في مهنة التدقيق.

فزنا اخيرا بمنحة المقابلة بعد جهد جهيد. واجتزنا المقابلة التي كان فيها عجرفة تقول بين السطور: سترى أياما جميلة جدا عندنا يا مواطن! المهم وصلنا الى مرحلة عرض الراتب الشهري كان الخريج في الدولة يحصل على ٨٠٠٠ درهم في تلك الفترة، فقال لي المدير الذي قابلني أريد ان أخبرك عن قيمة الراتب لكنه قد يكون غير مناسب، فقلت تفضل سيدي فقال ١٥٠٠ درهم شهريا!!!

هذه تجربة جيلي الذي لم تساعده وزارة الاقتصاد على توطين هذه المهنة، حيث توجد في قانون مهنة التدقيق بالدولة، مادة معطلة بخصوص توفيق الأوضاع لهذه المكاتب الاجنبية ليكون هناك شريك مواطن ليتم منحها رخصة مزاولة المهنة في الدولة.

ولم تفعل وزارة الاقتصاد هذه المادة، حتى اصبح الوضع الحالي للمكاتب الاجنبية وكأنه حق مكتسب على مدى ٤٠ سنة من عمر الدولة.

كما لا يوجد دور حقيقي لجمعية المحاسبين ومدققي الحسابات في الدولة بالمنظور التشريعي لتنظيم هذه المهنة، ما جعل الدولة تفقد تنظيم هذه المهنة الحساسة والرئيسة في العمليات الاقتصادية.

هذه المكاتب تطلع على بيانات ومعلومات سرية وحساسة في اقتصاد الدولة بدون وجود تمثيل لأبناء هذا الاقتصاد في هذه الشريحة الحساسة جداً جداً. لذلك يجب العمل بجدية وسرعة على توطين مهنة الماليين والمدققين فهم جيش وشرطة الاقتصاد.

أتمنى أن تنظر وزارة الاقتصاد للموضوع بشكل متكامل وجدي لتوطين هذه المهنة، والتنسيق مع الجامعات والمكاتب الاجنبية الاربعة المحتكرة للسوق بحوالي ٨٠٪ من سوق الدولة، وقد لا أبالغ إن قلت تستحوذ هذه المكاتب الاجنبية على ٩٠٪ من السوق. والذي فرض واقعاً على السوق انه لا تستطيع المكاتب الوطنية أن تفكر أن تنافسها ولا حتى في الاحلام أحلامها.

Email