سوريا.. التقسيم على أجساد الأطفال

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما يتعلق الأمر بذبح الأطفال، فكل الأعذار تصبح مرفوضة أخلاقاً وشرعاً وقانوناً. لا أحد يستطيع التعليق على الديكتاتورية التي ما زالت تمرح وتسرح في أجزاء واسعة من وطننا العربي.

حيث غيّب الإنسان وتحول إلى أداة قص ولزق وتنفيذ لمخططات خارجية صريحة، وقد نصبر على الديكتاتورية أحيانا تحت ظرف من الظروف حتى يتسنى الوقت المناسب لإزالتها، وقد نعجب بالدكتاتور عندما يحارب الكبار ممن يقفون في مواجهته، غير أنه عندما يتحول الصراع إلى ذبح الأطفال والنساء والشيوخ بدم بارد لغرض في نفس فلان ضد فلان فهذه قمة الدناءة وقلة في المروءة.

يا ترى ما الذي يحدث في سوريا التي تحولت إلى ساحة حرب وصراع؟ كيف يجرؤ رجل واحد أو مجموعة من (الرجال) على سفك دماء الأطفال الأبرياء؟ ما هي تلك اللعبة القذرة التي تدور في شوارع ومدن سوريا؟ ويا ترى من هم الأبطال المقنعون الذين أخفوا وجوههم؟ ما هي تلك الخيوط التي تشابكت مصالحها على حساب دم الأطفال العرب والمسلمين النائمين في أحضان أمهاتهم؟

ثم ما هو دور ومسؤولية النظام القائم، وما هو دور المقاومة، وما هو دور جيش سوريا الحر، وما هو دور الولايات المتحدة الأميركية، وما هو دور إسرائيل، وما هو دور فرنسا، وما هو دور بعض البلدان العربية فيما يحدث هناك؟ الكل يلقي بالمسؤولية على الآخر، والكل يقدم الدلائل، والكل يضرب بالأطفال عرض الحائط. وأصبحنا نصدق ولا نصدق. إن الدفاع عن النفس ومحاربة الإجرام لا يعطي الحجة لأي عمل إجرامي آخر من نفس القوة والصنف.

لقد شبع النظام حكماً منذ أكثر من أربعين عاماً، وحان للشعب السوري أن يختار لنفسه نظاما آخر ورئيسا آخر وحكما آخر، وهذا ما سيحدث آجلاً أم عاجلاً. ولكن شريطة ألا يكون على حساب أرواح الأطفال الأبرياء.

قد يكون للدفاع عن النفس مبرر للقتال إلا أن جرجرة الآخر للقيام بأعمال إجرامية يعتبر في أحكام القانون جريمة في حد ذاتها. للقتال أحكام وقوانين ومبادئ ملزمة للطرفين. وإن لم يلتزم بها أي منهما فقد خرج على القانون والمبادئ ويجب محاسبته، حتى ولو كان على حق في غايته. وهذه المبادئ الأساسية نظمها الإسلام منذ بداية الدعوة والتزم بها الخلفاء الراشدون ومن جاء بعدهم.

سوريا تواجه اليوم مصيراً مؤكداً لدينا. والمخطط الموضوع لتقسيمها بدأت بشائره تهل من خلال تصريحات الرئيس الفرنسي الجديد. وبدأت طبول الحرب الخارجية تدق في الغرب تحت قيادة الأمم المتحدة مستخدمين شعار إنقاذ المواطن السوري، كما كان تحت شعار إنقاذ الشعب الليبي وقبله العراقي والأفغاني، بعد أن تظاهروا لفترة وجيزة من الزمن بعدم التدخل في الشأن الداخلي السوري.

وكانت مجزرة الحولة التي راح ضحيتها عشرات الأطفال تمثل تلك الشرارة المنتظرة والمخطط لها لبدء الترتيبات اللازمة للمرحلة المقبلة. وقرار طرد الدبلوماسيين بشكل جماعي ما هو إلا بداية الغيث الذي لم ينهمر بعد. وما زلنا نجهل لماذا لم يحزن الغرب بنفس الكم والكيف على آلاف الأطفال الذين أبيدوا بدم بارد في جنوب لبنان على يد الجيش الإسرائيلي.

ولا على أطفال غزة الذين أحرقوا كالألعاب النارية على يد الطائرات الحربية الإسرائيلية، ولا على أطفال العراق وأفغانستان الذين لم يحظوا حتى بتنديد الأمم المتحدة. لن يرضى أحد على ما يحصل في سوريا، ولن يجرؤ أحد على تبرير طريقة النظام في البقاء في الحكم، ولا يمكن السكوت على التلاعب بأرواح الأطفال هناك ولا بتمزيق وحدة الشعب السوري من قبل الدول التي تدير سياساتها مجموعة من أصحاب النفوذ الصهيوني، سواء في الولايات المتحدة الأميركية أو في فرنسا أو بريطانيا.

إن ما يضحك بحق في مأتم الحزن أن يعزي نتانياهو أرواح أطفال مجزرة الحولة!

السوريون مقبلون على مرحلة مخطط لها مسبقاً، وربما يتم تقطيعها كما تقطع أجساد أطفالها.

 

 

Email