ما الذي يجري في فنزويلا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

عمد الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز إلى وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما بـ"المهرج" مؤخراً، و بـ"مصدر الإحراج". لدي اقتراح لك أيها الرئيس شافيز: إذا كنت تريد العثور على مهرج محرج، فلا تنظر بعيداً.

هل قام أوباما بصنع نموذج لنفسه يظهره في هيئة رجل حكيم، يقف إلى جانب القديس يوسف في مشهد لميلاد المسيح وسط مدينة كاراكاس، ويحدق في يسوع الطفل؟ هل قام أوباما بإرسال مذكرة مزهرة لتهنئة رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين على "فوزه الكبير" في الانتخابات البرلمانية، في اقتراع قال أعضاء حزب بوتين السياسي إنه كان يحفل بالغش؟

وأستطيع أن أؤكد لكم أنه لم يحصل أن فكر رئيس أميركي في نبش قبر جورج واشنطن لأنه أراد أن يعتبر مجسداً للعصر الحديث، ثم في إعادة دفنه، في ظل احتفال كبير، في تابوت من خشب الماهوغني صنع لهذا الغرض خصوصاً، مرصع بالألماس والذهب واللؤلؤ.

هذا هو بالضبط ما فعله شافيز مع سيمون بوليفار، القائد العسكري والسياسي الذي حرر فنزويلا والعديد من دول أميركا الجنوبية من إسبانيا في القرن التاسع عشر، إذ قام شافيز بنبش قبره عام 2010، ثم عمد إلى إدخال الجثة بعد وضعها في نعشها الفاخر الجديد، في ضريح جديد كلف 27,7 مليون دولار، كل ذلك من أجل مجد شافيز نفسه.

غير أن إهانة شافيز الأفظع، تمثلت في ادعائه أن أوباما دمر الولايات المتحدة و"حولها إلى كارثة". من المؤكد أن الولايات المتحدة تعاني من العديد من المشكلات الخطيرة، يعود بعضها إلى ما قبل انتخاب أوباما بثلاث سنوات. ولكن لم يتمكن أي رئيس أميركي من تحقيق الدمار الذي أحدثه شافيز في فنزويلا، ويصعب القول إن الكثير من ذلك الدمار، أو أياً منه، سبق توليه الرئاسة. إنه يرأس فنزويلا منذ ما يقرب من 13 عاما.

والآن، على سبيل المثال، تعاني فنزويلا من أعلى معدل تضخم على مستوى العالم، أي ما يقرب من 28%. وهذا يعني أن عملة البلاد، التي لم تكن تسميتها "بوليفار" من قبيل الصدفة، ستفقد كامل قيمتها الحالية في غضون ثلاث سنوات ونصف السنة فحسب.

والأهم من ذلك أن فنزويلا، في ظل شافيز، سجلت أعلى معدل جريمة على مستوى أميركا الجنوبية، وأحد أسوأ المعدلات على مستوى العالم. وتحت رعايته، تعج الدولة بالأسلحة النارية، إلى درجة تمكن نصف سكان فنزويلا من امتلاك السلاح، بمن فيهم الرضع والأشخاص الذين أكملوا عامهم الثمانين.

يدير شافيز دولة تعلن عن نفسها أنها اشتراكية. وينبغي أن يكون من السهل القيام بذلك في دولته الغنية بالنفط، إذ تنتج فنزويلا 3 ملايين برميل من النفط يوميا، وتبيعها الآن بنحو 100 دولار للبرميل الواحد. وينبغي أن يعود ذلك بـ300 مليون دولار يومياً، أي 1,095 تريليون دولار سنوياً، على شعب يضم 29 مليون نسمة.

ومع ذلك، فإن ما لا يقل عن ربع سكان فنزويلا يرزحون تحت وطأة الفقر، ويجبر ألوف منهم على العيش في الملاجئ والمراكز المجتمعية وغيرها من المرافق العامة، بسبب الافتقار إلى السكن. وعلى امتداد سنوات، عانت البلاد من نقص خطير في المواد الغذائية الأساسية، بما في ذلك اللحوم والحليب والبن، والمدارس وضعها مأساوي، وتعمد القلة المتعلمة إلى الهجرة.

هل يوجد تعريف أفضل من هذا لسوء الإدارة؟ وفي غضون ذلك، يبادر شافيز إلى بيع النفط بأسعار منخفضة لأصدقائه الكاسترويين في كوبا، وإلى تقديم زيت الوقود المدعوم للأميركيين الفقراء، ليضع إصبعه في عين أوباما. وتلك نفقات تعجز فنزويلا عن تحملها.

وقبل أيام، اضطر شافيز إلى اقتراض 4 مليارات دولار من الصين، نظرياً لبناء المزيد من المساكن. ونصيحتي لأولئك المواطنين الذين يعيشون في الملاجئ: كانت لديه 13 عاما لإيجاد حل لهذه المشكلة، فلا تعلقوا آمالكم عليه.

ويتعافى شافيز حالياً من مرض السرطان، رغم أنه يرفض الكشف عن السجلات الطبية التي تظهر الحالة الفعلية لوضعه الصحي. ومنذ فترة وجيزة، قام باتهام الولايات المتحدة علانية بتعزيز انتشار وباء السرطان في أميركا اللاتينية بطريقة ما، ما أكسبه توبيخاً حاداً من وزارة الخارجية الأميركية.

والخبر السار الوحيد، هو أنه بعد سنوات عديدة، أصبحت المعارضة السياسية للدولة موحدة، بعد أن كانت منقسمة، وهي تعتزم عقد انتخابات أولية عما قريب، لتعطي الفرصة لمرشح واحد يختاره الشعب، ليخبر الدولة عن مدى كارثية شافيز. ستجري الانتخابات الرئاسية الفنزويلية في أكتوبر المقبل، ومن أجل الشعب الفنزويلي الذي عانى طويلا، وخدع لما يزيد على عقد من الزمان بالغش والاحتيال، لا يسعنا إلا أن نتمنى للمعارضة حظاً موفقاً.

Email