الشباب العربي و آمال التغيير

ت + ت - الحجم الطبيعي

إننا نصل إلى نهاية هذا العام 2011 الذي أعلنته الأمم المتحدة «سنة دولية للشباب»، حيث يمثل ذلك الدعوة عالمية للنهوض بشباب العالم لقطع أشواط أبعد في تسخير مواهبهم الشابة وطاقاتهم. وسعى المجتمع الدولي بإعلان هذا العام «سنة دولية للشباب» للعمل نحو توسيع آفاق الفرص المتاحة للشباب إناثاً وذكوراً، وتلبية مطالبهم المشروعة في الكرامة والتنمية وفرص العمل، وتجاوز الاختلافات الدينية والثقافية لبلوغ أهدافهم المشتركة.

إن التطورات العربية الراهنة شكلت محوراً يشغل جميع المعنيين من سياسيين واجتماعيين، ومن هذا المنطلق يطرح السؤال التالي: كيف سيتم تناول الأبحاث والدراسات المختلفة الحركة الشبابية؟ وأية مكانة يحتلها الشباب في التنمية بوصفهم الشريحة الأكثر نشاطاً وحيوية؟

لقد ظهرت موجات جديدة من التعبئة والتعبئة المضادة للشباب في الظروف الراهنة، إلا أن الانفجار العنيف لهذه القوى الجديدة لم يتخذ نماذج ونظريات الخمسينيات وأوائل الستينيات، فحسب، حيث كانت انتفاضة الضواحي التي عرفتها باريس سنة 2006، وإن بدرجة أقل من انتفاضة 1968 احد أشكال التعبير عن ذلك.

إننا نجد أن فئة الشباب منذ نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين كانت هدفاً «للتجنيد» من قبل الحركات التي تتبنى العنف والتطرف سواء اليمنية في المجتمعات الغربية، أو التي تتبنى الأفكار المتطرفة ومنها تنظيم «القاعدة» في المجتمعات الشرقية. وتناول الخطاب الرسمي العربي في كثير من الأوقات بشكل سطحي المشاغل الشبابية وحصر اهتماماتهم في المجالات الترفيهية، ولم يفكر في إيجاد الحلول الحقيقية لمشاغلهم وتطلعاتهم.

إن المقاربة الاجتماعية للشباب كقضية اجتماعية تبين أن في كل مجتمع، هناك قطاع الشباب أيا كان حجمهم وعددهم، وهم قطاع واضح من المجموع العام للسكان، ولهم مشاكلهم ومشاغلهم المشتركة، ومن هنا يأتي الحديث من أن أميركا شابة، وأوروبا مهددة بالشيخوخة، وكون للشباب قضية اجتماعية، فإن لهم ردة فعل (كقطاع الشباب) على الدور الذي يعطيه لهم المجتمع، ولهم تعبيرهم عن كيفية حضورهم.

وللشباب قضية قانونية مثل الحق في التعليم، والشباب يأخذ حقوقه تدريجياً من العائلة ومن المجتمع.

وللشباب قضية سياسية، تحظى باهتمام المشتغلين في الحقل السياسي، وخاصة صناع القرار وتتمثل بالاهتمام بمشاغل هذه الفئة، وتوفير حاجياتها، وهو ما يعرف بـ «السياسة الشبابية» التي تجيب على «مشاكل الشباب» وتقوم السلوكيات الشبابية الخطرة وتؤطر هذه الفئة وتجنبها خطر الانزلاق والتطرف. واثبت الشباب العربي اليوم بأن صوت الإرهاب والأحزمة الناسفة يبهت، ويعلو على الضد منه اليوم صوت الشباب المصر على التحرك السلمي.

ويخلص المفكر بيار بورديو، إلى أن العلاقة بين الشباب والمجتمع تمر أساساً عبر المدرسة والعائلة، وعلى حد تعبير المفكر دوركايم، فعندما عجزت مؤسسة المدرسة، برزت للوجود مؤسسات تربوية جديدة، من أهمها الحركات الشبابية، لتسد بعض جوانب الفراغ في المدرسة أو لتتكامل معها.

إن الحدود بين الشباب والكهولة، هي محور اختلاف في كل المجتمعات، وكانت فلسفة أفلاطون، التي تعطي لكل فترة أو حقبة عمرية وصفاً خاصاً ومميزاً لها، تصف مرحلة الشباب بأنها تكون عادة مقترنة بالعاطفة، في حين تتميز الكهولة بالواقعية.

والاستنتاج الذي توصلت إليه المفكرة مارغريت ميد في دراستها لقبائل ساموا، بينت أن أزمة الشباب التي تبرز بشدة في المجتمع الحديث، لا نكاد نجد لها أثراً يذكر في مجتمع ساموا القبائلي، نظراً لبساطة العيش في هذا المجتمع وسهولة المرور إلى سن الشباب، وبهذا فإن الشباب في ساموا ليس هو الشباب في أميركا وليس هو الشباب في العالم العربي.

لقد مثلت بلادي في لجنة الأمم المتحدة للسنة الدولية للشباب عام 1985، وما خلصت إليه انه بقدر ما حاولت الأمم المتحدة رسم سياسات لدعم الحركة الشبابية، إلا أن التجربة اليوم تؤكد أن السياسة الشبابية ينبغي أن تتحول من الأقوال إلى الأفعال وإلى برامج تخدم الشباب وشعوبهم، لقد توجه الأمين العام للأمم المتحدة إلى الشباب هذا العام بالقول: الفرصة في أيديكم لتغيير عالمنا فاغتنموها، فهل يا ترى وجدت مناشدة بان كي مون صداها لدى الشباب بما فيهم الشباب العربي لتحقيق آمالهم في التغيير في ظل ما شهدته الساحة العربية من تطورات هذا العام؟

Email