مشاهد من 2 ديسمبر

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الخميس الموافق للثاني من ديسمبر عام 1971 عندما اجتمع قادة الإمارات في دار الضيافة، أو دار الاتحاد بمنطقة جميرا بدبي، وأعلن معالي أحمد خليفة السويدي وزير الخارجية «آنذاك» البيان الخاص باتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان .

والدي المرحوم ماجد محمد السري قد حضر من الكويت خصيصاً لحضور هذه اللحظات التاريخية المنشودة والمشهودة مع الوفد المرافق للمرحوم الشيخ خالد بن محمد بن صقر القاسمي حاكم الشارقة في ذلك الوقت، ولحضور هذا التجمع، الذي ضم مجموعة كبيرة من أبناء الإمارات في قاعة اجتماعات ضمتهم بحسهم الوطني، وبقلوب متطلعة إلى غد أفضل ومستقبل مشرق لأجيال واعدة من أبنائهم.

في تلك الفترة كنت في السابعة من عمري، وعلمت من والدي بأننا قد نعود إلى أرض الدولة بعد الاتحاد، وما كنت أشاهده من الصور والتحقيقات لإمارات الدولة منذ أن كنت طفلة في مجلة العربي الكويتية قد اجتمعت الآن في دولة واحدة، سوف يُكتب عنها الآن بشكل مختلف ومتحد، ربما لم أكن أفهم معنى الاتحاد في بدايته.

ولكن كما قال المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الاتحاد المجيد، طيب الله ثراه، بأن هناك مجموعة لم تشعر بالاتحاد في بداياته إلا بعد الاحتفال بالعيد الوطني الثالث، وهذا شيء طبيعي.

بعد استقرارنا في الشارقة شغل والدي منصب مدير البلدية، وفي عام 1975 استعدت الجهات الحكومية للاحتفال بالعيد الوطني الرابع، وشارك والدي ضمن فريق عمل الأمانة العامة للبلديات، وجهز سيارات عرض تشمل معالم الشارقة، وأبرزها دوار الساعة القديم، الذي كان متواجداً كشعار لدرهم الإمارات الورقي القديم، وقد قرر.

والدي أن يأخذني إلى الاحتفال ضمن مجموعة من الطلاب والطالبات لنمثل الإمارة على سيارة العرض، وقد كانت فرصة كبيرة لي ولغيري ممن شاركوا في العرض، لا أنسى مشاهد الاحتفال والعرض العسكري ومرورنا أمام الشيخ زايد والحكام، ولحظة التحية التي تبادلناها معهم على كورنيش العاصمة الحبيبة أبوظبي.

كان العيد الوطني يعني لنا الرمز الذي لابد أن نحتفظ ونعتني به ونعتبره من المكتسبات التي نشيد بها ونفتخر بوجودنا وسط ترابها، فكنا كطلاب وطالبات نشعر بالاتحاد، ولمسنا وجوده من خلال الاحتفال اليومي لرفع العلم وتحية السلام الوطني والرمز الآخر الذي بقي في قلوبنا وبقيت صورته محفورة في ذاكرة الجميع، وهي صورة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، التي كانت تزين كل دفاترنا اليومية لكل المواد العربية والإنجليزية إلى فترات طويلة.

ومن ضمن مظاهر الاحتفال بالأعياد الوطنية السابقة تتزين كل إمارة بإقامة أقواس النصر التي تقام في الشوارع وتحمل صور الحكام والعلم وبعض الآيات الكريمة مثل (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْن قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) و(أمرهم شورى بينهم) والشعارات مثل (الاتحاد قوة والتفرقة ضعف)، وغيرها من العبارات التي كانت تحث على التمسك بالاتحاد.

ومن أنشطة الكشافة والمرشدات كان يتحد أبناء الإمارات ضمن النشاط الكشفي، وكنا نتبادل الزيارات بين مدارس الإمارات، كذلك كنا نتعلم دروس الاعتماد على النفس في الطبيعة التي حباها الله سبحانه وتعالى للإمارات والسفر للفجيرة ورأس الخيمة وكلباء وخورفكان ودبا وبر أم القيوين والتخيم في أيام العيد الوطني، والتزود بمهارات بقيت خالدة معنا إلى الآن.

مع مرور الأيام كان العيد الوطني يزداد ابتهاجاً ويشهد تآلفاً وقوة بين أبناء الإمارات، وتشهد كل إمارة مشاهد من الاحتفالات التي واكبت التطور الذي حدث في المنطقة، وفي نفس الوقت كبرنا وكبر معنا الاتحاد، لهذا نعتبر ثمرة من ثمرات الاتحاد الذي أينع مع الأيام، ولكن الحمد لله هذه الشجرة مازالت خضراء ومثمرة، ومهما تعاقبت معها الأيام لم تزدها إلا اخضراراً.

وفي هذا العام تفرعت إلى أربعين فرعاً، وكل فرع تفرع منه آلاف الإنجازات التي رسخت من جذور شجرة الاتحاد، الذي ازداد تماسكاً في الأرض، وأصبح من الصعب قلع الجذور، رحم الله الشيخ زايد والشيخ راشد وإخوانهما الحكام، ممن سبقونا وأعطونا دولة يشار لها بالبنان.

وأصبحت من الدول المشهورة عالمياً في ظل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وكل عام وشعب الإمارات بخير.

 

Email