تكريم مغيري اللعبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

على امتداد الشهر الماضي، عمدت صحيفتنا "هافينغتون بوست" إلى تكريم مغيري اللعبة لعام 2011، وهم الـ100 مبتكر وحالم وقائد الذين ساهموا في تغيير الطريقة التي ننظر بها إلى العالم، وطريقة عيشنا فيه، ونادراً ما مرت لحظة في التاريخ اعتبر فيها أولئك الأشخاص أكثر أهمية. وإذا كنا ننوي التغلب على العديد من المشكلات التي يواجهها العالم، فإننا سنحتاج إلى كل مغير لعبة يمكننا العثور عليه. وسيتعين علينا نحن العاملين في وسائل الإعلام، أن نبذل جهداً أكبر لتسليط الضوء على أولئك الذين يرسمون طريق التقدم، ويلهمون الآخرين في مجتمعاتهم ليسيروا على خطاهم.

ونحن نتحدث عن أشخاص مثل القس مارك كونيل، الذي رأى أن مدينة نيوبورغ في ولاية نيويورك، وهي مسقط رأسه، تعاني من عنف العصابات، فقرر التصدي لتلك الظاهرة من خلال تأسيس "أكاديمية سان ميغيل"، وهي مدرسة متوسطة للصبيان تهدف إلى كسر حلقة الفقر، من خلال تقديم تعليم وإرشاد عاليي الجودة مجاناً، وبول ريكهوف، مؤسس "اتحاد قدامى المحاربين الأميركيين" في العراق وأفغانستان.

والذي يحرص على أن يحصل الجنود الأميركيون العائدون من هناك على القسط الذي يستحقونه من التعليم والعمل والرعاية الصحية، وآنا دوتش، التي شاركت في تأسيس "برنامج ضحايا التعذيب"، وساعدت الألوف من الضحايا على تضميد جراحهم المؤلمة، إلى جانب تعريفهم بأهمية دعم العائلة والأصدقاء لإعادة بناء حياتهم المحطمة، وكيلي مير.

وهي أم وناشطة لم تدخر وسعا في البحث عن وسيلة لمكافحة البدانة في مرحلة الطفولة، ووجدتها قريباً من منزلها. وبصفتها مؤسسة برنامج "حديقة التدريس" التابع لجمعية القلب الأميركية، فهي تساهم في توفير بدائل طبيعية لوجبات الغداء المدرسية غير الصحية، عن طريق زرع المئات من الحدائق في مختلف أنحاء أميركا.

وبالتأكيد، فإن مغيري اللعبة يأتون بأشكال عدة، ومن الممكن أن يؤثروا في العالم بطرق غير متوقعة.

فعلى سبيل المثال؛ هناك الرياضية والمعلقة التلفزيونية ديانا نياد، التي تبلغ من العمر 62 عاما، حيث أظهرت محاولتها الملهمة للسباحة من كوبا إلى أميركا ان القيود التي يفرضها التقدم في السن هي مجرد حالة ذهنية. وهناك خبير أمن نظم التحكم الصناعية رالف لانغنر، الذي من خلال تحليله لفيروس الكمبيوتر "ستاكسنت" المعقد، ساعد على فضح الأساليب الناشئة في مجال الحرب الإلكترونية الحديثة.

وهناك عدد من مغيري اللعبة في السياسة، ومنهم مدعي عام ولاية نيويورك أريك شنايدرمان، ومدعي عام ولاية ديلاوير بو بايدن، اللذان قادا عملية التحقيق في الجانب الإجرامي من أزمة الرهن العقاري، وتحميل البنوك الكبرى مسؤولية ممارسات حبس الرهن غير العادلة. وكيث إليسون، وهو أول أميركي مسلم ينتخب عضواً في الكونغرس، والذي يمثل صوتاً نادراً للتسامح في مشهد سياسي آخذ في الاستقطاب، والذي أثار حوارا وطنيا بشهادته المؤثرة التي أدلى بها في إطار ما يعرف بـ"جلسات استماع المسلمين" لهذا العام. وكذلك حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو، الذي أحرز خطوة عملاقة في رحلة أميركا نحو اتحاد أكثر كمالا، من خلال مناصرته قانون المساواة في الزواج، وإدراجه في قانون ولايته.

وهناك مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين يحاولون تغيير اللعبة، عندما يتعلق الأمر بحماية كوكب الأرض. ويعمد بعضهم إلى تحقيق ذلك عن طريق محاسبة مخربي البيئة، وهو ما فعلته كيت شيبارد، مراسلة مجلة "ماذر جونز"، التي لم تأل جهداً في تغطية سلوك شركة البترول البريطانية المريب، قبل كارثة انسكاب نفط خليج المكسيك وأثناءها وبعدها. وأيضا روكي كيستنر من مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية، الذي استغل مهارته في رواية القصص، وهي المهارة التي اكتسبها من خلال ما يزيد على 20 عاما من عمله مراسلاً صحافياً، حيث لفت الانتباه إلى التكلفة البشرية لكارثة شركة البترول البريطانية وخط أنابيب "كيستون" المقترح.

وهناك آخرون يتولون حراسة خطوط الجبهة، بمن فيهم سيلفيا إيرل، وهي عالمة جغرافيا البحار والمؤلفة والمغامرة، التي أمضت أربعة عقود في إلهام الشباب في أرجاء العالم بذل الجهود من أجل إيجاد بيئة صحية قبل فوات الأوان. وهناك روبرت كنيدي الابن، وهو ناشط بيئي شرس منذ أكثر من 25 عاما، عمل في وقت سابق من العام الجاري لتسليط الضوء على بلدة وست فيرجينيا، التي احتشدت لحماية نفسها من كوارث تدمير قمم الجبال لأغراض التعدين، وهو ما ركز عليه أيضاً الفيلم الوثائقي "الجبل الأخير".

وبصرف النظر عن مدى تركيزهم، فإن مغيري اللعبة هؤلاء تجمعهم سمة مشتركة، وهي الاستعداد للخروج عن المألوف، والتشكيك في الأفكار التقليدية، والنظر إلى العالم من حولهم، والمخاطرة بترديد مقولة: "أعتقد أن لدي وسيلة أفضل".

 

Email