اهتمام صيني بحركة »احتلوا وول ستريت«

ت + ت - الحجم الطبيعي

تواجه الصين حالياً هاجس حركة «احتلوا وول ستريت»، حيث تخاف بشدة من أنها سوف تنتشر هناك. كيف يمكن أن أصف ذلك؟

فقد نشرت صحيفة «تشاينا ديلي» الصينية، أخيراً، مقالة في عمود بعنوان: «التعتيم في وسائل الإعلام الأميركية على الاحتجاج أمر مخجل». وتشير خدمة الأخبار «لكسيس نيكسيس» إلى أنه في يوم نشر المقالة، بثت وسائل الإعلام الأميركية 282 خبراً حول الحركة، وفي الأسابيع السابقة على ذلك، بلغ الإجمالي 631 خبراً.

لذلك قمت بالاتصال بكاتب المقالة، وهو «تشن وي هوا»، الذي يشغل منصب نائب رئيس تحرير صحيفة «تشاينا ديلي» بالولايات المتحدة، ويقيم في نيويورك.

فأوضح لي بالقول: «حسناً، كتبت هذه المقالة في يوم السابع والعشرين من سبتمبر الماضي. وكانت هناك مقالة واحدة فقط أو اثنتان من المقالات المتفرقة» وهذا ما دفعه لأن يكتب: «يبدو أن سراً من أكثر الأسرار كتماناً في الولايات المتحدة خلال الأسبوعين الماضيين قد كشف النقاب عنه، وبالقرب من وول ستريت في نيويورك».

هناك، على حد قوله، شاهد بنفسه وحشية الشرطة بما في ذلك سبعة اعتقالات، ورجل «يعاني إصابة خطيرة في ساقه. بشكل عام، حسبما خلص «تشن»، «الفجوة في التغطية الإعلامية الحقيقية خطيرة حقاً بالنسبة لي. إنها سخيفة حقاً».

وبحلول السابع والعشرين من سبتمبر، وهو اليوم الذي يقول «تشن» إنه كتب مقالته، كانت أربع صحف يومية في منطقة نيويورك قد نشرت 16 خبراً بالفعل منذ بدء الاحتجاجات قبل 10 أيام، بما في ذلك مقالة جديدة في الصفحة الأولى بصحيفة «نيويورك تايمز» يوم 25 سبتمبر.وهلّلت وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحكومة الصينية في تغطيتها لأحداث حركة«احتلوا وول ستريت»، وهو جزء من جهود الحكومة الصينية لإقناع شعبها بأنهم يعيشون في الصين حالاً أفضل بكثير من أميركا المفككة، الممزقة بسبب عدم المساواة في الدخل.

وقالت صحيفة «غلوبال تايمز» الحكومية الصينية: «أزمة الولايات المتحدة هي نتيجة للحرية غير المقيدة للأغنياء».

إن هذا يغفل بعض الحقائق غير المواتية. من خلال استخدام «معامل جيني»، يقيس التفاوت في الدخل للدولة، فإن الصين تحتل المرتبة 36 كأكثر دولة غير متكافئة في العالم، في حين أن الولايات المتحدة تحتل مكانة أبعد من ذلك قليلاً في المركز الـ 44.

وتقول مجلة فوربس الأميركية إن الولايات المتحدة لديها عدد من المليارديرات يفوق أي دولة أخرى. لكن تتلوها مباشرة الصين في المركز الثاني. وفي الوقت نفسه، تقول الأمم المتحدة إن ما يقرب من نصف سكان الصين لا يمتلكون مراحيض. (تقل النسبة في الولايات المتحدة عن 1%). فماذا يوضح لكم ذلك فيما يتعلق بعدم المساواة في الدخل؟

وأعربت صحيفة الشعب اليومية، وهي الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني، عن قلقها إزاء حركة «احتلوا وول ستريت». وتساءلت في أحد عناوينها أخيراً، عما إذا كانت احتجاجات «احتلوا وول ستريت» هي النسخة الأميركية من الربيع العربي؟.

وأضافت الصحيفة: «تخشى وسائل الإعلام الأميركية من أن اضطرابات مماثلة لما تحدث في الربيع العربي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد يحدث في الولايات المتحدة» (على امتداد 35 عاماً هي سنوات عملي بالصحافة لم يسبق لي أن لاحظت أننا كوسائل إعلام نشعر بقلق سياسي جماعي إزاء أي شيء).

لكن بعد فقرات قليلة لاحقة، استدركت الصحيفة قائلة: إن ما يسمى بالربيع العربي لا وجود له من الناحية الموضوعية. فهو مجرد اسم لطيف أطلقته الولايات المتحدة على أساس تفكيرها بالتمني في ذلك. «وأعتقد أن شعوب تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا لم يخبرها أحد بذلك».

وأشار كاتب «غلوبال تايمز» وانغ يزو، وهو أستاذ في جامعة بكين: «الأمور ستكون مختلفة تماماً لو وقعت احتجاجات في الصين. حيث تتخذ الحكومة إجراءات قوية، ولن تجرؤ المؤسسات المالية العملاقة على رفض التغيير». في الواقع، اتخذت الصين تدابير قوية بالفعل.

فقد أشارت صحيفة «ديجيتال تايمز» الصينية إلى أنه «تم كشف النقاب عن قائمة طويلة من الكلمات المحظورة» التي يتم حظرها من الظهور على محركات البحث. وأهمها كلمة: «احتلوا»، متبوعة باسم أي مدينة في الصين، مثل «احتلوا غوانغشو».

ونشر موقع إخباري في شنغهاي تقريراً يقول: «أبلغت مصادر متعددة مواطني شنغهاي أن الشرطة ما زالت مستمرة في محاولات سؤال الأجانب عما إذا كانت لهم أي علاقة بحركة «احتلوا وول ستريت»، خوفاً من أن هؤلاء الأشخاص ربما يبدؤون في «احتلال شنغهاي».

بعض الصحافيين الأميركيين مخطئون في تغطيتهم المبالغ فيها والمرحة حول مشكلات الصين. أخيراً، كتب مراسل لمجلة «ماركتووتش» الأميركية ليقول: «انسوا اليونان. انسوا إيطاليا. انسوا احتلوا وول ستريت. الخبر المشؤوم حقا في الوقت الراهن هو أن فقاعة الإسكان في الصين تنفجر أخيراً»، الأمر الذي سيجلب «كارثة محققة». دليله الأساسي، يتمثل في «الأسعار بدأت في الهبوط».

من خلال تمعن كل هذا، حسبما أخبر متظاهرون «تشن» كاتب العمود في صحيفة «تشاينا ديلي»: «إنه من الطبيعي أن وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الشركات لن تقوم بتغطية الاحتجاج، التي تناهض النفوذ المفرط للشركات في المجتمع» (يبدو كأن الشباب الأميركي النموذجي قلق من المحتجين، أليس كذلك؟). لكن تشن أعرب أيضا عن خيبة الأمل الشخصية من أميركا.

وقال لي: «أشعر بإحباط كبير من أن النموذج الأميركي لم يتحسن بحيث يكون لدى الصين شيء ما تتطلع إليه».

 

Email