مبادرة عمدة شيكاغو للصحراء الغذائية

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الخامس عشر من يونيو الماضي، أوفى عمدة شيكاغو رام إيمانويل بتعهد الحملة الانتخابية، من خلال عقد "قمة صحراء الغذاء" مع ممثلين من سلسلة محلات البقالة الكبرى في شيكاغو. وقدم العمدة تحليلاً مفصلاً لمواقع "ساوث سايد" المحتملة، حيث يمكن إنشاء المخازن بين المناطق الأكثر فقرا في المدينة وفي مركز في الصحراء الغذائية. في زمن التقشف والتخفيضات، ينبغي أن تتم الإشادة بالعمدة على القيادة الإبداعية في وقت الأزمات. تعد الصحراء الغذائية بمثابة الحقيقة الصارخة في أغلب منطقة "ساوث سايد" من شيكاغو، والعديد من الأحياء في المدن الأخرى في أنحاء البلاد. وفي شيكاغو، لا توجد محلات بقالة كبرى في الجانب الجنوبي الأقصى.

 يقول إيمانويل: "هناك شيء خاطئ على نحو جوهري في مدينة لا يتمكن فيها 600 ألف شخص على أقل تقدير (من أصل عدد السكان البالغ 2.8 مليون نسمة)، من الحصول على الفواكه والخضروات الطازجة"، حيث أخبر سلسلة المتاجر بأنه يريد أن تكون الأحياء ذات الدخل المنخفض، على مقربة ميل واحد من متجر الفواكه والخضار الطازجة.

بالنسبة للفقراء، فإن الحصول على الصحراء الغذائية آخذ في التضاؤل بشكل خاص، ويضطرون إلى اتخاذ وسائل النقل الجماعي في جميع أنحاء المدينة، للوصول إلى متجر ملائم. وهذا بالضبط الحد الأدنى الذي يحصل عليه الأمهات والآباء الفقراء، من وقت ومال. والنتيجة هي أن أطفالنا الأكثر فقراً، أحياناً يحصلون على وجبات بأدنى نسبة من الخضار والفواكه، وتحل قوائم الوجبات السريعة محل الأطعمة الطازجة. بالإضافة إلى ذلك، فإن أفقر العائلات غالبا ما ينتهي بها الأمر إلى دفع ثمن شراء السلع الغذائية الأساسية، أعلى مما تدفعه أسر الطبقة المتوسطة مع سهولة الوصول إلى محلات البقالة كاملة الخدمات.

لماذا الصحراء؟ يعتبر هذا في جانب منه إرثاً من الخطوط الحمر والشكوك، حول مدى اتساع السوق وتكاليف ممارسة الأعمال التجارية في الأحياء الفقيرة في المناطق الحضرية. فالمتاجر تشكو من أنه يصعب الحصول على الموظفين المؤهلين، وأن توظيف مديرين ذوي خبرة للعمل هناك هو أمر مكلف.

لكن الواقع، كما كشفه العمدة، هو أن هذه هي الأحياء المحرومة، يمكن للمتاجر أن تحقق فيها تجارة رابحة. فإذا كانت مبادرة العمدة ناجحة، فسوف يكون من شأن ذلك حصول مزيد من الأسر على غذاء أقل كلفة وأكثر فائدة من حيث القيمة الغذائية، لكن بناء المتاجر سوف يولد فرص عمل في مجال الإنشاءات، وسوف يؤدي توظيف الفقراء إلى توفير فرص عمل لهم في قطاع التجزئة، وسوف يوفر تزويد هذه المتاجر بالبضائع والمنتجات فرصا لعمليات الشحن.

يذهب البعض إلى القول إن متاجر "وولمارت" الحضرية للتجزئة تعد صفقة خاسرة، وتحارب "وول مارت" على نحو شرس مسألة التمثيل النقابي وتعمل على خفض الأجور، وغالبا ما ينتهي بها الأمر إلى إجبار متاجر التجزئة الأخرى الأقل تنافسية على تصفية نشاطها. لكن التعامل مع ذلك يتطلب تعبئة المجتمع لتحديد الشروط التي يتم بموجبها بناء المتاجر، وليس إغلاقها نهائياً.

حتى لو ثبت نجاح هذا الإجراء، إلا أنه يعتبر خطوة أولى بالنسبة للصحراء الغذائية، فهي ليست الأرض الجرداء في الأحياء الفقيرة والمدن الأخرى. فهناك مراكز الصحة العامة في المناطق الصحراوية، التي تعاني نقصاً حاداً في المستشفيات العامة وخدمات الطوارئ. وهناك مناطق الاستجمام الصيفية التي يتم فيها إغلاق برامج الصيف والإجازة المدرسية، حتى في الوقت الذي اختفت فيه فرص العمل الصيفية. والأكثر من ذلك، أن هناك نقصا في وسائل المواصلات العامة. وفي كثير من الأحيان، تتركز الوظائف الجديدة في الضواحي، ويتركز العاطلون عن العمل في وسط المدينة. ومن دون وسائل نقل سريعة وبأسعار معقولة، فلن يكون بمقدورهم الوصول إلى أماكن فرص العمل، ولن يكون بوسعهم الانتقال من هناك أيضاً. وغني عن القول ان رؤساء البلديات لا يمكنهم القيام بذلك بمفردهم. فنحن بحاجة إلى وضع أولويات جديدة على الصعيد القومي وداخل الولايات، وهي استراتيجية واضحة لإنعاش اقتصادنا، وشن حرب جديدة ضد الفقر.

جرى مؤخراً التصويت على إصدار بيان متوازن في هذا الصدد، من خلال المؤتمر القومي لرؤساء البلديات، يدعو البيت الأبيض لإنهاء الحرب في العراق وأفغانستان، وإعادة القوا ت الأميركية إلى الوطن، واستغلال 120 مليار دولار سنوياً، لإعادة الاستثمار في التنمية الاقتصادية المحلية. لكن حتى من دون وضع أولويات جديدة، يمكن لرؤساء البلديات إحراز تقدم، لو أنهم وجهوا طاقتهم وركزوا جهودهم في هذا الغرض، فهناك الصحراء الغذائية وصحراء العمل وصحراء الرعاية الصحية وصحراء السكن. ولكننا نعلم أن الزهور يمكن أن تزدهر في الصحراء إذا توفر الري، ونحن بحاجة للري الاقتصادي لجعل الزهور تتفتح. وتعتبر مبادرة عمدة شيكاغو بمثابة خطوة في هذا الاتجاه، فمن خلال السعي لتحقيق واحة في الصحراء الغذائية، قدم العمدة "إيمانويل" مثالاً جيداً على ما قد يكون ممكناً.

 

Email