واشنطن ومحاسبة المسؤولين

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس من الواضح ما هو الأسوأ في الولايات المتحدة، فأزمة السكن التي تواصل تفاقمها أم تقارير الاحتيال المصرفي المنتشرة والآخذة في الانكشاف. في ظل الأضرار المحتملة التي تواجهها البنوك بالمليارات، ربما يمكن القيام بإجراء قانوني ما لأصحاب المنازل الذين وقعوا ضحايا للأزمة والجرائم.

أميركا لم تصل بعد إلى قاع فوضى أزمة الإسكان، حيث تواصل أسعار المساكن الهبوط. فهناك الآن ما يقرب من 30% من المنازل المرهونة أسعارها متدنية عن قيمتها الحقيقية. ومليونا منزل أخرى في حبس الرهن من المتوقع أن تصل إلى الحالة ذاتها. تمتلك البنوك مئات الآلاف من المنازل المدرجة في وضعية حبس، وهو ما يشكل ضغطاً كبيراً على أي انتعاش في أسعار المساكن.

بالنسبة للملايين من الأميركيين، فإن هذه محنة. فالمدخرات التي ظنوا أنها كانت بحوزتهم في قيم منازلهم قد تبددت. يدفع الكثير منهم الرهون العقارية للمنازل التي قد لا تعود أبداً إلى قيمتها الأصلية. ويفقد الملايين منازلهم في حبس الرهن، أو أنهم يختارون تجنب الاستثمارات التي لم تعد ذات جدوى.

يعتبر هذا من تداعيات فقاعة الإسكان والكساد اللذين أديا إلى الركود العالمي، وخلف ما يقرب من 25 مليون شخص في حاجة الى العمل بدوام كامل، في حين أن أدى إلى العجز في الميزانية الأميركي على مستوى الولايات والمحلي والقومي.

إن ما يغدو واضحاً على نحو متزايد يتمثل في أنه وراء هذه الكارثة نمط واسع من الإهمال والغش وسوء السلوك من قبل أكبر البنوك في أميركا.

أورد موقع «هافينغتون بوست» تقريراً سرياً أعدته لجنة مراجعين في وزارة الإسكان والتنمية الحضرية يتهم أكبر خمس شركات للرهن العقاري في أميركا بالقيام بخداع دافعي الضرائب. وأظهرت التقارير أن البنوك قدمت وثائق معيبة للحصول على تعويضات مفرطة من الحكومة الفيدرالية عن القروض المرهونة. وتحاول وزارة العدل الأميركية حالياً التوصل إلى إجراءات الإنفاذ الجنائية والمدنية. فما هي شركات التمويل العقاري الخمس التي تتعامل بثلاثة أخماس جميع القروض العقارية في الولايات المتحدة؟ فقط قائمة من أكبر مؤسساتنا المالية وأكثرها احتراماً، وهي بنك أوف أميركا و«سيتي غروب» و«جيه بي مورغان تشيس» و«ويلز فارغو» و«ألاي فاينانشال».

رفض اثنان منها، منها بنك أوف أميركا، التعاون مع لجنة المراجعين. وهي الآن تواجه اتهامات مدنية وجنائية محتملة. ويتواصل تراكم فضائح البنوك من خلال فوضى الإسكان، من التوقيع بالتمرير إلى تمويل الرهن العقاري بشروط احتيالية إلى التوريق المعيب إلى حبس الرهن على مالكي المنازل الأبرياء. والآن يبدو أن الجهود التي تبذلها البنوك لإغلاق التحقيقات تبوء بالفشل. ففي ولاية إلينوي، تشير تقارير إلى أن النائب العام ينظر في وثائق بالمحكمة يحتمل أن تكون مزورة.

وأقامت ولايتا نيفادا وأريزونا دعاوى قضائية ضد بنك أوف أميركا. وأشار المدعي العام في نيويورك «إيريك شنايدرمان» إلى أنه سوف يباشر تحقيقاً كاملاً في ممارسات البنك في مجال الرهن العقاري، من الإقراض بالاحتيال إلى حالات الاستيلاء غير المشروع على المنازل. يتعين على وزارة العدل توسيع نطاق التحقيقات الكاملة أيضاً. وإذا ثبتت صحة عمليات مراجعة الحسابات التابعة لوزارة الإسكان والتنمية الحضرية، فإن البنوك سوف تكون مطالبة بتعويضات تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.

والتعويضات التي يتم استردادها يمكن أن توفر فرصة لتقديم الإغاثة لأصحاب المنازل الذين عانوا الرهن غير القانوني، أو حوصروا في الرهون العقارية الصادرة عن طريق الاحتيال. فالأموال المدارة يمكن أن تسترد بعناية من البنوك يمكن أن تحقق العدالة لأصحاب المنازل في مدن مثل ديترويت أو شيكاغو حيث دمرت أحياء بأكملها جراء حبس الرهن. عندما انفجرت فقاعة الإسكان في عام 2007 و2008، كانت استجابة واشنطن، بدءاً من وزير الخزانة «هانك بولسون» في عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، في التركيز على انقاذ البنوك. فقد تم إنقاذها من قبل وزارة الخزانة ومجلس الاحتياطي الفيدرالي. وخرجت من الأزمة في وضعية أكبر وأكثر تركيزاً من أي وقت مضى. ولم يتم مقاضاة أي موظف بارز لأي بنك كبير. وعادت المكافآت بملايين الدولارات.

لكن تتراكم الآن المزيد والمزيد من المؤشرات على انتشار حالات الاحتيال أو سوء إدارة الرهون العقارية غير المشروعة. لقد عانى دافعو الضرائب والكثير من أصحاب المنازل خسائر نتيجة لذلك. وقد آن منذ وقت طويل أوان إجراء التحقيق من أجل المقاضاة والانصاف.

 

مرشح سابق للرئاسة الأميركية

Email