أزمة الدرع الصاروخية تعيد سباق التسلح

أعلن اركادي دفوركوفيتش مساعد رئيس روسيا الاتحادية،أن الرئيس ميدفيدف سيلتقي مع الرئيس الأميركي أوباما على هامش قمة مجموعة الثماني في مدينة دوفيل الفرنسية لبحث عدد من ملفات قضايا منظومة الدرع الصاروخية.

 

واضاف انه من المتوقع أن يشهد العام الحالي عدة لقاءات بين الرئيسين الروسي والأميركي ميدفيديف وأوباما، بهدف التوصل إلى رؤية مشتركة حول الدرع الصاروخية، باعتبار أنه توجد لدى الجانبين أفكار مشتركة لكن لا يوجد توافق على كيف يتعاونان في هذا المجال.

 

ويأتي قرار ميدفيدف بضرورة عقد قمة روسية - أميركية، بعد تصريحاته والتي أعلن فيها أن موسكو ستواصل تطوير قدراتها العسكرية النووية الهجومية إذا ما واصلت الولايات المتحدة تنفيذ خططها بنشر درعها الصاروخية، .

 

كما تضمنت هذه التصريحات تهديدا روسيا بالأنسحاب من معاهدة ستارت-3. ولا شك أن فشل ميدفيدف في إقناع أوروبا بإقامة منظومة صاروخية دفاعية عالمية لمواجهة الصواريخ البالستية المتوسطة والقصيرة المدى، كبديل عن مشاركتها في مشروع الدرع الصاروخية الأميركية، كان أيضا من الأسباب التي دفعت الكرملين لاستئناف الحوار مع البيت الأبيض الأميركي حول ملف الدرع الصاروخية.

 

وذلك بعد أن فقدت روسيا إمكانية المشاركة في تحديد أهداف منظومات الدفاع الصاروخية الأوروبية والأميركية عبر مساهمتها في تحليل الأخطار الصاروخية بصورة جماعية وبلورة مواقف مشتركة بصدد كيفية التصدي لهذه المخاطر.

 

لكن الجزء الأكثر تأثيرا ولعله الدافع الأساسي هو ما يمكن أن يسفر عنه نشر الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا تجاه الشرق، إذ حذر الخبراء العسكريون الروس من أن هذه الدرع ستقضي نهائيا على ترسانة الصواريخ الاستراتيجية الروسية، لأنها ستكون قادرة على إسقاط الصواريخ الروسية البالستية العابرة للقارات، ما يعني إصابة الترسانة الاستراتيجية الروسية بالشلل الكامل.

 

. وقد أعلن الجنرال ماكاروف رئيس هيئة الأركان الروسية أن تصريحات المسؤولين الأميركيين التي تنفي أن استهداف روسيا وقدراتها العسكرية بنشر الدرع الصاروخية غير صادقة وتسعى لإخفاء أهداف واشنطن الحقيقية التي تهدد أمن روسيا القومي، محذرا من سباق تسلح جديد سيبدأ إذا استمرت الولايات المتحدة في تنفيذ خطة نشر الدرع الصاروخية.

 

ووفق تقديرات الخبراء الروس أنه إذا كان تنفيذ المرحلة الأولى والثانية من خطة نشر الدرع الصاروخية لا يشكل تهديدا مباشرا لترسانة الأسلحة الاستراتيجية الروسية، لكن الوضع سيتغير مع تنفيذ المرحلة الثالثة والرابعة إذ ستصبح الدرع الصاروخية قادرة على إنهاء قدرات روسيا النووية.

 

ويتعارض هذا الموقف مع ما أعلنه الجنرال سيرجي كاراكايف قائد القوات الصاروخية بأنه تم إدخال صواريخ استراتيجية من طراز(ر- س 24) البالستية العابرة للقارات إلى الخدمة، بعد نجاح تجارب إطلاقها التي أجريت على مدار أربع سنوات.

 

وأكد أنها تضمن حماية أمن روسيا وأنها قادرة على اختراق أي نظام دفاع صاروخي. وقد تم بالفعل وضع فوج صواريخ استراتيجية (ر- س 24)،مزودة برؤوس انشطارية في حالة التأهب القتالي.

 

وفي هذا السياق أجرت المؤسسة العسكرية مباحثات مع الحكومة الكوبية حول إمكانية الحصول على الخدمات الفنية لمنظومات الدفاع الجوي والرادارات الروسية «ب- 18» و«ب-19» التي كانت تستخدم في الماضي لرصد الطائرات الأميركية التي تنطلق من ولاية فلوريدا الأميركية، وإعادة تشغيل «مركز الاستطلاع الإلكتروني» في كوبا الذي تم إيقاف عمله في عام 2001. .

 

ويبدو واضحا أن الكرملين بدأ يكثف جهوده بإتجاه إيجاد وسائل حديثة ومتطورة لمواجهة خطط واشنطن الخاصة بنشر عناصر الدرع الصاروخية على أراضي أوروبا الشرقية وبالقرب من الحدود الروسية. خاصة وأن رادارات المنظومة الأميركية ستكون قادرة على كشف أغلبية المواقع الروسية الاستراتيجية.

 

. ويمكن القول إن فشل موسكو في التأثير على الموقف الأوروبي واستقطابه إلى جانب مشاريعها، وتعثر جهودها السياسية في هذا الإطار، لابد وأن يقابله جهود مكثفة لتحديث وتطوير الترسانات العسكرية الروسية، ما يعني بدء سباق تسلح جديد.

 

وهو ما دفع الحكومة لزيادة حجم النفقات العسكرية في الموازنات الحكومية على مدار الأعوام القادمة بنسب وصلت أحيانا إلى 5 بالمائة، تم توجيهها إلى تحديث التسليح ونشر القوات العسكرية.

 

وعلى سبيل المثال لا الحصر ازدادت حصة النفقات المخصصة لدعم معاهدة الأمن الجماعي بحوالي 17 ضعفا. ما يؤدي إلى مزيد من الأعباء يجب أن يتحملها الاقتصاد الروسي المنهك.

 

الأكثر مشاركة