تأملات في ذكرى مارتن لوثر كينغ

ت + ت - الحجم الطبيعي

يوم الاثنين الرابع من إبريل، في الذكرى السنوية لاغتيال الدكتور مارتن لوثر كينغ في ممفيس في ولاية تينيسي الأميركية، يكرم العمال في جميع أنحاء أميركا الدكتور مارتن لوثر كينغ بالوقوف تضامناً مع موظفي القطاع العام، على خلفية الاعتداء الذي جرى في ماديسون في ولاية وسكنسون، وفي ولايات أخرى في أنحاء الغرب الأوسط. يتم تنظيم هذه الاحتجاجات تحت شعار «كلنا واحد».

كنتُ في ممفيس إلى جانب الدكتور كينغ، ومكاني في ماديسون في هذه الذكرى، لأن هناك خطاً مباشراً من ممفيس إلى ماديسون.

جاء الدكتور كينغ إلى ممفيس للتظاهر تأييداً لموظفي القطاع العام المضربين. وقبل أشهر مضت كان اثنان من عمال الصرف الصحي السود قد لقيا حتفهما، عندما تعطلت آلية ضاغطة في شاحنة. في اليوم نفسه، تم الاستغناء عن ‬22 عاملاً أسود دون إعطائهم أجورهم، في حين تم الإبقاء على رؤسائهم البيض برواتبهم. بعد أسبوعين، بدأ ‬1100 عامل نظافة من السود إضراباً، من أجل السلامة المهنية، وتحسين الأجور والامتيازات، والاعتراف بنقابتهم.

كان ذلك وقتاً محموماً بالنسبة للدكتور كينغ. فقد كان يدفع في اتجاه تنظيم حملة للفقراء، مسيرة في واشنطن من شأنها حشد الفقراء في العاصمة الأميركية. كان محاصراً من قبل المنتقدين بسبب معارضته لحرب فيتنام، وكانت حركة الحقوق المدنية تتصدع، مما ضاعف الضغوط التي يتعرض لها. لكنه اختار الانضمام إلى المضربين في ممفيس، لأنه عرف أن قضيتهم عادلة، وأن حاجتهم كبيرة، وأن وقتهم قد حان.

الآن في ماديسون، يقف المعلمون والممرضون والعاملون في مجال الصرف الصحي، معارضين محاولة لتجريدهم من حقهم في المفاوضة الجماعية. جاء الطلاب لمساعدتهم، بينما كانوا يحتجون على التخفيضات الكبيرة في ميزانيات الجامعات والمدارس والجهود المبذولة لتجريدهم من حقهم في التصويت في الحرم الجامعي. ويقف العمال تضامناً مع الذين يتعرضون للهجوم.

في ممفيس، تحدث الدكتور كينغ بقوة عن الحاجة إلى التضامن. وقال في خطبته الأخيرة: «تعلمون أنه كلما كان فرعون يريد أن يطيل فترة العبودية في مصر، كان يبقي العبيد متنازعين فيما بينهم. لكن كلما احتشد العبيد سوياً، كان يحدث شيء ما في قصر الفرعون، ولا يمكنه إبقاء العبيد في الرق. وعندما يحتشد العبيد سوياً، تكون تلك هي البداية للخروج من العبودية. الآن دعونا نحافظ على الوحدة».

في ماديسون، اعتقد حاكمها «سكوت ووكر» أنه يمكنه بث الانقسام بين موظفي القطاع العام والخاص، وغرس بذور الاستياء وتأليبهم ضد بعضهم بعضاً. ولكن في وسكونسن احتشد العمال والطلاب وأولياء الأمور بعضهم مع بعض، معطلين خطط فرعون العصر الحديث.

في ممفيس، حث الدكتور «كينغ» المتظاهرين على التركيز على مسألة الظلم، «وعلى رفض ممفيس أن تكون عادلة وصادقة في تعاملها مع موظفي القطاع العام بها». كما دعا المواطنين ليس فقط للقيام بمسيرة احتجاج، وإنما لاستخدام قوتهم الاستهلاكية. دعاهم إلى مقاطعة الشركات التي يملكها البيض، والتي كانت معارضة للإضراب، وإلى نقل أموالهم من البنوك التجارية إلى البنوك الاجتماعية.

في ماديسون، يحتشد العمال سوياً، جنباً إلى جنب مع الناس في جميع أنحاء أميركا، لنقل أموالهم من بنك «إم أند آي»، الذي ساهم موظفوه إلى حد كبير في تمويل حملة حاكم الولاية «ووكر»، بعد حصوله على دعم من الحكومة الفيدرالية.

في ممفيس، ابتهج الدكتور كينغ بمدى التقدم الذي تم إحرازه من قبل حركة الحقوق المدنية، حتى في الوقت الذي كان يحض أتباعه على الحفاظ على الدفع. قال: «أمامنا الفرصة لجعل أميركا أفضل»، وعلينا أن نستمر في هذا حتى النهاية. وفي وقت كان يلاحقه العديد من التهديدات على حياته، خطب قائلاً: «ربما لا أبلغ معكم هذا الحد، ولكني أريد منكم أن تعرفوا هذه الليلة أننا، كشعب، سوف نصل إلى أرض الميعاد».

الآن يتعرض الكثير من تراث الدكتور كينغ للهجوم، في الوقت الذي يحاول المحافظون والمشرعون اليمينيون إسقاط الحق في المساومة الجماعية، وسلب المال من الوكالات التي تحمي الحقوق المدنية والمستهلكين والبيئة، وتقليص قدرة الطلاب والأقليات وكبار السن والفقراء على التصويت.

هناك خط مباشر يمتد من ممفيس إلى «ميلووكي»، إلى ماديسون. ونحن نفاخر بذكرى الدكتور كينغ عندما نقف سوياً، ونقوم بالمسيرة سوياً، ونرفض التكيف مع الظلم.

في ماديسون، وكما هي الحال في «ميلووكي»، لدينا الفرصة لجعل أميركا أفضل.. ولا نجرؤ على أن نتوقف الآن.

مرشح سابق للرئاسة الأميركية

Email