أميركا وخيار التسونامي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تسونامي وزلازل ورعب نووي في اليابان. وثورة تجتاح جميع أنحاء الشرق الأوسط. وتقشف قاتم في معظم أنحاء أوروبا. وأميركا منكوبة بـ ‬25 مليون شخص بحاجة إلى العمل بدوام كامل، وبالضغط على الأجور والفوائد. في مصر، أدت بطالة واحد من كل أربعة شبان بشكل مباشر إلى اندلاع الانتفاضة. في الولايات المتحدة، تقترب البطالة بين الشباب من هذا المستوى.

إننا نحن نعيش في زمن المتاعب.

في أميركا، نحن نعلم كيف أن فساد الشركات وإحجام الحكومة أديا إلى تأخر اتخاذ إجراء بشأن محطات الطاقة النووية في اليابان، الأمر الذي فاقم الأزمة ومعرضاً حياة الناس للخطر. ولكن ألسنا نحن في أميركا نواجه خيار التسونامي الخاص بنا؟ إننا في أزمة. هناك حاجة إلى تغييرات جوهرية. مع ذلك، يبدو أن كلا الحزبين في واشنطن منفصلان عن الواقع الذي يواجهنا. فكلاهما يبدو أنهما يفترضان أن هناك انتعاشا، ويلتفتان إلى مقدار الخفض في الميزانية الفيدرالية. ويبدو أنهما يفترضان أن أميركا يمكن أن تعود إلى اقتصاد ما قبل فترة الركود الكبير.

ولكن بالنسبة للأسر العاملة، هناك دليل محدود على الانتعاش. فلا تزال الوظائف شحيحة، ولاتزال قيمة المنازل دون المستوى ويجري حبس رهنها، ولاتزال الأجور والفوائد يجري خفضها، كما يجري تفكيك الخدمات العامة الحيوية.

لا يمكن استعادة اقتصادنا القديم، ولا ينبغي القيام بذلك. فقد تم تأسيسه على وجوه اختلال غير قابلة للاستدامة مثل العجز التجاري القياسي وعدم المساواة من العهد الذهبي وتدهور الطبقة المتوسطة. طغت فقاعات وول ستريت على الاقتصاد الحقيقي.

إذا أردنا إعادة بناء اقتصاد قوي مع طبقة متوسطة عريضة، وإتاحة الفرصة للجميع للمشاركة بما لديه من ميزات على نطاق واسع، حينئذ فإننا بحاجة إلى التغييرات الموجعة والأساسية. فلندرس قائمة جزئية كما يلي:

يجب علينا تغيير نظام الطاقة لدينا، ذلك أن ظاهرة الاحتباس الحراري تتسارع بشكل أكبر مما يتوقعه المتشائمون. وهذا يتطلب استراتيجية جريئة لبناء الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والبت في الطاقة النووية وتحديث المنازل والمباني، وتحويل نظام النقل والمزيد من ذلك. حتى الآن، في واشنطن، يهيمن الإنكار على موقف الجمهوريين في مجلس النواب. والنتيجة هي أن التقدم الذي يتم إحرازه ضئيل.

علينا إعادة بناء قدرتنا على صنع الأمور في أميركا، وتغيير استراتيجيتنا العالمية بشكل كبير. وهذا يتطلب خطوات من جانب واحد في الداخل وحواراً مكثفاً على الصعيد العالمي للحد من الاختلالات التي يتفق الجميع على أنها لا يمكن أن تستمر. غير أن واشنطن تعيد صياغة اتفاقات التجارة القديمة، وتتجاهل الروح التجارية الصينية الأكثر شراسة، وتتابع الموقف في الوقت الذي يبدأ العجز التجاري في الارتفاع مرة أخرى.

يجب علينا تمكين العمال للاستحواذ على حصة عادلة من الأرباح والإنتاجية التي يقدمونها. بدون وجود طبقة متوسطة واسعة، فلن يكون هناك طلب كافٍ لتنشيط الاقتصاد ولا دخل كافٍ لدعم الخدمات الحكومية الحيوية. غير أنه في واشنطن يتركز النقاش على خفض معدلات الضرائب الأعلى بشكل أكبر، وعلى حماية الاعفاءات الضريبية لأغنى أغنياء أميركا. وبدلاً من مناقشة سبل تمكين العمال، فإن حكام الولايات الجمهوريين في جميع أنحاء أميركا يقودون هجوماً يستهدف حرمان العمال من حقوقهم الأساسية في التفاوض بشكل جماعي.

يتعين علينا إصلاح نظام الرعاية الصحية، وإلا فسوف يؤدي إلى إفلاس كل شيء. لكن الجمهوريين في مجلس النواب يجادلون فقط لإلغاء الإصلاحات التي بدأت للحد من تجاوزات شركات التأمين التي ترفع الأسعار.

إننا بحاجة إلى استراتيجية واضحة للانتقال إلى العمالة الكاملة. الجيل الأكبر والأكثر تنوعاً في التاريخ الأميركي ينطلق فور التخرج إلى أسوأ سوق للوظائف منذ الكساد العظيم. ولا يسعنا تبديد مواهبهم وطاقتهم وآمالهم. وحتى الآن، في واشنطن، فإن محنتهم يتم تجاهلها.

وهناك ما هو أكثر من ذلك، وهو الإنفاق بشكل أقل على ممارسة دور شرطي العالم في سبيل إعادة بناء أميركا، وتحجيم البنوك الكبرى، وتنشيط مدارسنا، وتنظيم الكتب المدرسية بشكل معقول. ولكن يبدو الأمر كما لو أننا في دار سينما قديمة مزودة بجهاز عرض تالف يقوم بتكرار المشاهد نفسها إلى ما لا نهاية. يجادل الجمهوريون في مجلس النواب من أجل العودة إلى سياسات مثل إلغاء الضوابط التنظيمية، وتخفيضات ضريبية على الفئة الأعلى في المجتمع والهجوم على العمال، الأمر الذي دفع بنا إلى حالة الفوضى. ويبقى الديمقراطيون مكشوفين ومنقسمين.

أما بالنسبة للمعلقين الأميركيين الذين ينتقدون الفساد في الشركات اليابانية الذي عرقل الاستجابة للكارثة النووية، فإني أسدي لهم نصيحة موجزة: لا ترشقوا أحداً بهذا الحجر وبيوتكم من الزجاج.

 

Email