ما الذي يجري في الغرب الأوسط الأميركي؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

أقام مئتا ألف مواطن أميركي في وسكونسن مسيرة، أخيراً، احتجاجاً على اعتداء حاكم الولاية على الأسر العاملة. شمل حشد المتظاهرين مزارعين ورجال إطفاء ومعلمين وطلاباً وأولياء أمور وأطفال. في ويسكونسن وعبر الغرب الأوسط، فهم يربطون بين النقاط.

إنهم يدركون أن الاعتداء على حق العاملين في القطاع العام في إقامة التنظيمات هو أمر لا يتعلق بأزمة الميزانية. يقوم حاكم الولاية «سكوت ووكر» واليمينيون في جميع أميركا بالدفع باتجاه إضعاف قدرة الأسر العاملة على مواجهة ما هو اعتداء وحشي على الطبقة المتوسطة في أميركا.

يتسم واقع ويسكونسن والولايات الأميركية الأخرى بأنه واضح. فقد أدت التجاوزات في وول ستريت إلى نسف الاقتصاد، مما تسبب في حدوث ركود عالمي أنهك الميزانيات العامة المحلية، سواء على مستوى الولايات أو المستوى القومي. انخفضت أسعار السكن، وارتفع معدل البطالة، وتراجعت العائدات الضريبية، في حين ارتفعت التكاليف. وتلقت المعاشات التقاعدية العامة، نتيجة هذه المسألة، وخطط التقاعد الخاصة، ضربة قاصمة بسبب الانفجار الداخلي. يتصرف السياسيون المحافظون الآن كما لو أن المعلمين ورجال الشرطة والممرضين تسببوا في أزمة الميزانية، وليس وول ستريت. إنهم يقومون بدور الأقلية في مواجهة الأكثرية. على مدى السنوات الثلاثين الماضية، انخفضت نسبة الطبقة متوسطة العريضة. تستحوذ فئة الــ‬1؟ الأغنى من الأميركيين حالياً على ما يقرب من ربع جميع الدخل، ويمتلكون ثروة أكثر من ‬90؟ من الأميركيين. يكمن السؤال الآن في ما إذا كان بإمكاننا إعادة بناء الطبقة المتوسطة القوية، أو ما إذا كانت الأزمة ستعمل على تقليصها بشكل أكبر. تعتبر هذه المسألة أساسية بالنسبة لهجوم منسق ينطوي على جانبين رئيسيين. الجانب الأول، هو أن المحافظين عازمون على تقليص أشكال الحماية الأساسية للأسر العاملة، وتقريباً الحد من كل خطوة من خطوات التقدم التي أحرزتها أميركا خلال القرن الماضي. الجانب الثاني انتبهوا جيداً إلى أنهم يدفعون باتجاه أجندة لا تحظى بشعبية، فهم يستهدفون النقابات وغيرها من المؤسسات التي يمكنها مواجهة سطوة المال في السياسة.

على الجانب الأول، لننظر في جدول الأعمال المشترك للجمهوريين بمجلس النواب وحكام الولايات اليمينيين مثل «ووكر» في وسكونسن. خاض الجمهوريون في مجلس النواب حرباً من أجل تمديد التخفيضات الضريبية للطبقة الأغنى من الأميركيين، وبعد ذلك استهدفوا أشكال الدعم الأساسية للأسر العاملة. وأجروا تخفيضات كبيرة في مجال التعليم بداية من مرحلة ما قبل المدرسة مرورا بالتعليم الابتدائي حتى القدرة على تحمل التكاليف الجامعية، وخفضوا تمويل برامج الوظائف، والميزانيات المخصصة لكل مستهلك أو كل وكالة لحماية العمال.

المرحلة المقبلة في الهجمات، سوف تطال برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية والمساعدات الطبية. في وسكونسن، كما هي الحال في ولايات أميركية أخرى، جمع حاكم الولاية ووكر تخفيضات ضريبية على الأثرياء والشركات مع تخفيضات كبيرة لأفراد الشرطة والمعلمين ورجال الإطفاء. أما قطاعا التعليم والرعاية الصحية فكانا أكثر القطاعات المتضررة. وعلى الجانب الثاني، يشكل الأشخاص المنظمون العقبة الأكثر تأثيراً للأموال المنظمة في الحياة السياسية. لذلك يضغط المحافظون بصورة دائمة من أجل تفكيك النقابات العمالية، التي تعتبر أقوى حائل على طريق تدفق أموال الشركات في السياسة. لكن النقابات ليست هي الهدف الوحيد. فعلى سبيل المثال، تم استهداف منظمة «أكورن»، وهي المنظمة الأكثر فعالية لمساعدة الفقراء والأقليات على الإدلاء برأيهم، من خلال عملية هجومية غير شريفة. ويتعرض برنامج الأبوة المنظمة للهجوم لأنه من شأنه إطلاع المرأة على حقوقها في فصول القانون عبر ‬50 ولاية. تجري الجهود لحرمان الطلاب من حقهم في التصويت حول مكان المدرسة التي يذهبون إليها. تمت صياغة إجراءات هوية الناخبين لترويع اللاتينيين، وممارسة التمييز ضد الفقراء وكبار السن. يعتبر هذا تراجعاً صارخاً في الحقوق الديمقراطية يصب في مصلحة حماية أجندة لا تحظى بشعبية. لكن في وسكونسن، انتفض العمال، انضم الطلبة والمواطنون إلى جانبهم. وبلغت انتفاضة وسكونسن المواطنين في جميع أنحاء الولاية والناشطين في مختلف أنحاء أميركا. إنهم يشرعون في ربط النقاط. قال المناضل الأميركي دكتور مارتن لوثر كينغ ذات مرة: «ليس هناك شيء أكثر مأساوية من أن تغمض لك عين خلال اندلاع ثورة». والآن، وهم في غمار هذا الصراع الحاسم حول تحديد مستقبل أميركا، بدأ الناس يستيقظون. فهل سوف نبني الاقتصاد الجديد الذي يوفر فرصة للجميع للخروج من آثار ركام قديم؟ أم أننا سنقلص التقدم الذي أحرزناه، ونراقب تحول الحلم الأميركي إلى خيال بمنأى عن متناول أطفالنا؟ لسوف يكون الخيار لنا.

مرشح سابق للرئاسة الأميركية

Email