لن تسقطوا الدولة‏!‏

ت + ت - الحجم الطبيعي

 إن مراهنة البعض علي إحداث الوقيعة بين الجيش وبقية أطياف الشعب المصري‏, هي محاولة محكوم عليها بالفشل لسببين: أولهما أن المصريين أذكي من أن يضحك عليهم فصيل سياسي, مهما تكن شطارته, فيوهمهم بأن جيشهم يعمل لغير مصلحتهم, والسبب الثاني, أن المصريين يرون ما يجري في سوريا والعراق والصومال وغيرها, ولن يحبوا تكرار هذه التجارب عندهم!

إن سياسة إيصال الأمور إلي حافة الهاوية سياسة دائما تكون محفوفة بالمخاطر, لأنها وإن كانت ستؤذي بعض أفراد الشعب, إلا أنها ستؤدي بالأساس إلي كراهية الناس لهذا الفصيل الذي تسبب في هذه الكارثة, كراهية ستدوم طول العمر, وسيظل الناس يتذكرون كيف أن هذا الفصيل تسبب في انقسام المصريين, واراقة دمائهم, وفي النهاية ستكون خسارة هذا الفصيل أفدح بكثير من المكاسب التي يتوهم أنه سيحققها.

وليكن في معلوم جماعة الإخوان المسلمين, أن الرهان علي الدم, دائما ما كان رهانا خاسرا, خاصة مع المصريين, الذين عرفهم التاريخ بأنهم شعب محب للحياة والبناء وليس التخريب والدماء والعنف.

وعلي كل حال, فإن الفرصة لم تسقط بعد, ومن الممكن جدا ترميم ما انكسر حتي الآن, لكن استمرار العناد والأوهام والغباء السياسي سيوردهم موارد التهلكة, ولسوف يندمون. وربما يكون من الضروري هنا التنبيه إلي أن الدولة ليست كبقية الدول, إذ يعود عمرها إلي سبعة آلاف عام ويزيد, ومن ثم فإن الرهان علي إسقاطها من خلال عدة مسيرات ومظاهرات واعتصامات, هو رهان أبله وساذج, لماذا؟ لأن جهاز الدولة في مصر ليس مجرد مجموعة وزارات وهيئات ومؤسسات ومصالح حكومية. لا إن الدولة في مصر هي الناس جميعا, أكلهم وشربهم وتعليمهم وأمنهم وماؤهم وكهرباؤهم وأرزاقهم, ولذلك سيكون من شبه المستحيل علي الإخوان إسقاط الدولة, فحذار, فقد يخرج عليكم الناس يمزقونكم, وأنتم في غالبيتكم أناس طيبون, فعودوا إلي رشدكم.
 

Email