بيان "الداخلية".. وواجبنا الجمعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

 ليست المرة الأولى التي تعلن فيها وزارة الداخلية عن القبض على محرضين معتنقين للفكر الضال يمارسون إرهابهم الفكري من خلال شبكات ومواقع التواصل الاجتماعي، وقبلها من خلال المنتديات، وهو إرهاب ممهد للإرهاب الحقيقي، إن لم يكن أشد منه، لأن التحريض ممارسة للـ"فتنة"، و(الفتنة أشد من القتل)، كما قال الله تعالى في كتابه العزيز.


تصريح المتحدث الأمني بوزارة الداخلية، أول من أمس، بأن الأجهزة الأمنية تمكنت في بداية العشر الأخيرة من شهر رمضان المبارك، من القبض على مقيمين جندا نفسيهما لخدمة الفكر الضال، وتواصلا مع أعضاء في الفئة الضالة في الخارج، وظهر من إفاداتهما الأولية ما يؤيد ذلك التواصل، يحتم على جميع المتعاملين مع شبكات ومواقع التواصل الاجتماعي على "الإنترنت" قراءة ما يكتب أو يبث عبرها بعين الراصد، وعدم إهمال أي ملحوظة فكرية مهما كانت عابرة أو صغيرة، لأن للمنهج التكفيري وجوهاً متعددة، فضلا عن أن نموه في العقول شبيه بكرة الثلج، إذ يبدأ معتنقه في تكفير القلة، ثم ينساق إلى تكفير الكثرة، ليصل إلى استحلال الدماء، ومن ثم يبدأ في التخطيط لعمليات القتل والتدمير، متبعاً كل الوسائل التي تضمن نجاح مخططاته الدموية، غير آبهٍ بانحرافه، وغير مدركٍ لخطورة ما هو مقدم عليه، بل إنه يرى في فعله "الإحسان"، وهو الإجرام عين الإجرام.


إن الوعي العميق بطرائق تشكل الخطاب التكفيري، وفهم القواعد التي يصدر عنها، ومعرفة أشكال وأنواع البذور التي يتشقق منها، ضرورة معرفية لكل مخلص لله ثم الدين والوطن؛ ذلك أن التكفير الذي يقود إلى الإرهاب يبدأ بمراهقاتٍ فكرية، تصادر الآخرين، وتصنفهم دون أن يصنفوا أنفسهم، وتشنع عليهم أفعالهم وأقوالهم، وتشتمهم احتسابا، وتسخر مما هم فيه، بأسلوب قمعي لا يقبل رأيا، ولا يسلم بحجة دامغة، ولا يخضع لنص ثابت، ثم تتعاظم عنده أحادية الرأي، حتى يصل إلى أنه على الحق الأبلج، وأن الآخرين في ضلال وضلالة، بينما الواقع أنه ضال، لا يرى في الدين سماحة، ولا لأهل العلم فضلا، ولا للمسلمين ـ كل المسلمين ـ إيمانا، فيستحل دماءهم، ويتوهم أن طريق الجنة مفروش بأجساد القتلى، وركام الدمار.


هذه التفصيلات تصف الطريقة التي يصل بها هؤلاء إلى الضلال، ولذا يكون لزاما على كل متابع واع أن يلمح خطاب هؤلاء لمحا، في ثنايا التغريدات، ودقائق المقاطع، وطرائق الاستدلالات، ليكون عوناً للجهات الأمنية في إنقاذ الأرواح، واستنقاذ العقول، وعاملا مساعدا لـ"الأمن" في تحقيق الأمن بوصفه الحياة، ومستقبل الآتين وتابعيهم من الأبناء والأحفاد.. حفظ الله وطننا.
 

Email