سورية.. لا أحد ينتصر سوى إرادة الشعب

ت + ت - الحجم الطبيعي

حين يتحدث رئيس النظام السوري بشار الأسد في تصريحاته لوكالة الأنباء السورية ـ قبل يومين ـ عن ثقته بالنصر في المعركة التي يخوضها ضد شعبه، فإنه يتجاهل حقيقة أن بلده قد دمرت تماماً بأسلحته من أجل النصر الذي يأمل به، ويتجاهل أيضاً أن نصراً يأتي بعد قتل أكثر من مئة ألف من مواطنيه وتشريد الملايين منهم ليس بنصر أبداً، وإن كان يأمل أن يستمر في الحكم فترة فذلك ليس إلا بسبب دعم قوى خارجية معروفة تمده بالمال والسلاح وتحميه في الأمم المتحدة.


الأسد الذي يعيش خارج الواقع منذ زمن، كان بإمكانه تفادي ما حدث ببساطة متناهية، غير أنه طغى وتجبر ولم يعترف منذ البداية بمطالبات شعبه السلمية فواجههم بالرصاص، فكان أن ارتفعت حدة التظاهر وانشق من انشق عن جيشه، ولم يعد بمقدوره اليوم فعل شيء سوى أن يدمر ما استطاع بآلته العسكرية الثقيلة بعد أن فقد السيطرة على الأرض في معظم أنحاء الدولة، فأي نصر يأمل به بعد كل هذا.


الحقيقة التي لا يريد الأسد الاعتراف بها هي أنه لا أحد سوف ينتصر في سورية التي تحتاج زمناً طويلاً كي تعود إلى سابق عهدها، والشعب الذي يعاني القصف والدمار والقتل تلزمه عقود كي يلملم جراحه وينسى جيل سيأتي ذات يوم ما فعله الأسد من خراب ببلده كان بمقدوره ألا يفعله.


الأسد حين يتحدث عن النصر، لا يعترف بأنه عاجز عن مواجهة الجماعات التي تعيث خراباً في سورية، وهي الجماعات التي تحدث نظامه عنها كثيراً قبل أن تظهر مدعياً محاربتها، وعندما صارت حقيقة بان عجزه عن التصدي لها فخرج مهزوماً من كثير من المدن تاركاً إياها لتلك الجماعات.


لذلك كله، فإن النصر الذي يحلم به الأسد سيكون نصراً لشعبه حين يتخلص من نظام حكمه بقبضة أمنية زمن الخوف، ووقت تلاشى الخوف اتضح للجميع أن تلك القبضة غير قادرة على حماية صانعيها، ولو أن النظام السوري كان أوعى لأنقذ البلد قبل أن يصبح الوضع عصياً على الحل.. لو حدث ذلك، لكان الحديث عن النصر منطقياً. أما اليوم، وبعد كل ما حدث، فلا أحد سوف ينتصر سوى إرادة الشعب ولو بعد حين.
 

 

Email