السلام العادل مصلحة للجميع

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شك أن انطلاق جولة مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية مؤخرا برعاية واشنطن، هي مصلحة لجميع الأطراف، فإحلال السلام العادل والشامل في المنطقة التي شهدت على مدى تاريخها الطويل صراعات دامية يعد مطلبا ملحا لأنه لم يعد هناك مجال لمزيد من الصراع الدامي والقتل والعنف، فما أصابها قد كفاها.

إلا أن الانخراط في هذه المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي لا تعني أننا نقدم شيكا على بياض، فهناك حقوق لا تقبل المساومة أبدا، فانطلاق المفاوضات يجب أن يكون مبنيا على أساس متين وهو مبادرة السلام العربية التي رفضتها إسرائيل فور إعلانها، والتي لاقت ترحيبا دوليا واسعا.

الجهود الأمريكية الجبارة التي بذلت من أجل إقناع طرفي الصراع هي جهود مقدّرة ومشكورة من حيث المبدأ طالما سلمنا أن إحلال السلام يتأتى من خلال إجبار إسرائيل على إرجاع الحقوق المغتصبة إلى أهلها، وهذا لا يحصل إلا إذا كانت هناك رغبة أمريكية جدية في فرض السلام على إسرائيل بصفتها أكبر حليف لها في العالم، ولطالما تغاضت عن جرائمها بل إنها تسعى دائما لتبريرها وإظهار إسرائيل في مظهر الضحية لا الجلاد.

وإذا ما قبلنا من حيث المبدأ هذه المفاوضات إلا أننا لن نرضى كعرب ومسلمين غير إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشريف وذلك للوصول إلى الأهداف التي حددتها مبادرة السلام العربية ونصت عليها قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.

الإعلان الأمريكي الذي رافق المفاوضات عن المدة الزمنية المحددة لها والمتمثلة في 9 أشهر يجعلنا نطالب بضرورة تنفيذ التفاهمات التي يتم التوصل إليها بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من خلال الوسيط الأمريكي، وفي مقدمتها إجراء مفاوضات لمدة زمنية محددة تتناول جميع قضايا الحل النهائي وعلى أساس حدود 1967، وإطلاق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب وحصولهم على حريتهم المنشودة.

من خلال جولات المفاوضات السابقة أصبحت لدى العالم أجمع قبل الفلسطينيين قناعة راسخة بأن إسرائيل تتهرب من الاستحقاقات من خلال إيجاد المشاكل كاستئناف الاستيطان ومواصلة نهجها الإجرامي بحق الشعب الفلسطيني على الأرض من أجل إجبار الفلسطينيين على إيقاف المفاوضات العبثية لكي تظهر أمام العالم بصورة الدولة الراغبة بالسلام بينما الفلسطينيون يتهربون منها.

الحقوق التاريخية المشروعة للقضية الفلسطينية حقوق ثابتة لا تسقط بالتقادم ولا يجب المساس بها أبدا ،وهي إقامة الدولة المتصلة جغرافيا والمستقلة على حدود الرابع من يوينو عام 1967 ، وتكون القدس عاصمتها وعودة اللاجئين وإطلاق سراح الأسرى وإيقاف الاستيطان، وإذا ما تحققت هذه المطالب العادلة فإن إسرائيل ستنعم بالسلام الشامل والدائم طالما انتفت أسباب المشكلة، ولكن يبقى التساؤل مطروحا دائما، هل لدى إسرائيل الرغبة الحقيقية للسلام؟
 

Email