عن استئناف المفاوضات... وحق الاعتراض !!

ت + ت - الحجم الطبيعي

استؤنفت المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية مساء امس، بعد توقف استمر نحو ثلاث سنوات، وذلك بعد جهود وضمانات وتفاهمات اميركية - فلسطينية وجولات وزير الخارجية جون كيري المكوكية بالمنطقة، ولعل ابرز ما يميز هذه المرحلة من التفاوض نقطتان اساسيتان هما ان حدود ٤ حزيران ١٩٦٧ هي المرجعية وان فترة التفاوض تتراوح بين ٦-٩ اشهر فقط، اي ان لها جدولا زمنيا محدودا وليست مفتوحة كما كانت بالماضي.

وقد اكدت القيادة ان كل المواضيع هي على جدول الاعمال ولا يوجد اي تأجيل لأية قضية ولا يوجد اي استعداد لقبول اية اتفاقات مرحلية، سواء في ما يتعلق بالقدس او وقف الاستيطان وغير ذلك من القضايا الاساسية كالاجئين والمياه. وكان من اهم الاتفاقات في هذا السياق هو تحرير الاسرى الذين يقبعون وراء القضبان قبل اتفاقات اوسلو.

واذا كانت هذه المواقف ايجابية وواضحة من القيادة التي وافقت على استئناف المفاوضات، فأن هناك اشكالات ومواقف تثور حول القضية ؟ وتتعلق بالجانب الاسرائيلي الذي يعلن صراحة انه لن يوقف الاستيطان ولن "يتخلى" ن القدس، كما ان المطالب الاسرائيلية المتعلقة بما يسمونه بالامن تثير المخاوف والشكوك، حتى ان قضية الاسرى الذين وافقوا على تحريرهم سوف يفرجون عنهم على مراحل وحسب تطور المفاوضات، اضافة الى ان هؤلاء الاسرى كان من المفروض ان يتم الافراج عنم منذ سنوات بموجب اتفاقات رسمية فلسطينية اسرائيلية، ولكن اسرائيل لم تفعل ذلك ولم تنفذ الكثير من الالتزامات الاخرى المقررة بالاتفاق.

كما ان تخلي القيادة عن شرطها الاساسي السابق بوقف الاستيطان لاستئناف المفاوضات آثار الكثير من الاعتراض والرفض، وتجربة السنوات العشرين الماضية من التفاوض وسط هذه الغطرسة الاسرائيلية ونظرية التوسع والاستيطان زادت الشكوك ولا سيما ان في اسرائيل اليوم حكومة مغرقة بالتطرف ومثل نظيرها في الحكومات السابقة.

والانقسام الواضح بالرأي في الشارع الفلسطيني ادى في بعض حالاته الى تظاهرة نظمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين للاعتراض على استئناف المفاوضات وفق هذه الشروط وضبابية التعهدات الاميركية الشفهية غير الكتابية وغير الملزمة بالتالي. والجبهة الشعبية هي جزء رئيسي من منظمة التحرير والسلطة والدولة الفلسطينية وقد قالت كلمتها في اجتماعات القيادة وحاولت الاعراب عن موقفها بالتظاهر الذي هو حقها، الا انها جوبهت بالقمع والاعتراض من القوى الامنية الفلسطينية وبشكل آثار الكثير من الاستياء والانتقاد لهذا التصرف والذين أمروا به.

ان هذا لا يعني التأييد او عدم التأييد لاسباب التظاهر، ولكنه يعني بالتأكيد الدفاع عن حق الجميع بالتعبير عن مواقفهم مخاصة ان كان هذا البعض جزءا رئيسيا وفصيلا كبيرا في منظمة التحرير، ولهذا فأننا نطالب بتشكيل لجنة تحقيق في هذه القضية حتى لا تتكرر مرة اخرى وحتى يتحمل المسؤولون نتائج مواقفهم الخاطئة هذه.

اخيرا، فأن نجاح او فشل هذه المرحلة من التفاوض سيظهر خلال الجولات الاولى وباسرع مما يتخيل الكثيرون، وان كنا جميعا نتمنى لها النجاح لتحقيق السلام والاستقرار فان التمنيات شيء والواقع والمتوقع شيء آخر.
 

Email