خطوة هامة يجب أن تتبعها خطوات

ت + ت - الحجم الطبيعي

القرار الذي اتخدته الحكومة الاسرائيلية أمس بالمصادقة على إطلاق ١٠٤ أسرى فلسطينيين تحتجزهم اسرائيل منذ ما قبل اتفاق اوسلو، في إطار استئناف عملية السلام بعد أن رفضت بشدة إطلاق سراحهم حتى اللحظة الأخيرة وحاولت تقليص العدد او استثناء أسرى من القدس والداخل، هذا القرار يعتبر خطوة هامة نحو استئناف المفاوضات خاصة وان قضية الأسرى تعتبر أولوية وطنية بالنسبة للجانب الفلسطيني ومن غير المعقول او المقبول الحديث عن السلام دون بحث قضية مقاتلي الحرية وضمان إطلاق سراحهم.

هذا التطور في الموقف الاسرائيلي يؤكد أولا زيف الادعاءات والمبررات التي ساقتها اسرائيل لمنع إطلاق سراح هؤلاء الأسرى من جهة ويؤكد أيضا من الجهة الأخرى أن إصرار الجانب الفلسطيني على هذا المطلب كان في محله وان حملة التحريض الاسرائيلية السافرة ضد الأسرى كانت حملة مضللة هدفها الضغط على الجانب الفلسطيني والإمعان في تشويه صورة مقاتلي الحرية الفلسطينيين.

واذا كانت هذه الخطوة الاسرائيلية هامة وتلبي أحد المطالب الفلسطينية فان هناك مطالب لا تقل أهمية وأسس ومبادىء لا زالت اسرائيل تتنكر لها وفي مقدمتها ان المفاوضات يجب ان تجري على أساس حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧ باعتبار ان الضفة الغربية بما فيها القدس العربية وقطاع غزة أراض محتلة بشكل غير مشروع وهي أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة التي اعترف بها المجتمع الدولي. ولا يعقل ان يقبل الجانب الفلسطيني أي مساومات اسرائيلية بهذا الشأن لان هذه المسألة خط احمر بالنسبة للحقوق الفلسطينية عدا عن أن أي تجاوز لها يعتبر خرقا للشرعية الدولية.

كما ان على اسرائيل اذا كانت معنية فعلا بنجاح المفاوضات وتحقيق السلام ان توقف الاستيطان غير المشروع والذي أدانه المجتمع الدولي لان استمرار الاستيطان يعني ان اسرائيل تسعى لترسيخ الاحتلال والاستيطان ومنع إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة.

وعدا عن ذلك فان الممارسات الاسرائيلية اليومية مثل حملات المداهمة والاعتقال وتقييد حرية حركة المواطنين وحصار غزة ومحاولات تهويد القدس ومنع المؤمنين من الوصول الى الأماكن المقدسة في القدس، كل ذلك يجب ان يتوقف اذا كان هناك فعلا نوايا صادقة لعملية سلام جادة تقود الى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.

وفي المحصلة، وبالرغم من سمة التشدد والتطرف التي تطغى على الحكومة الاسرائيلية فان على اسرائيل ان تختار اليوم بين مفاوضات سلام جادة وصنع سلام حقيقي مع الشعب الفلسطيني او الدخول مجددا في دوامات العنف والتوتر وعدم الاستقرار وفقدان الأمن لان الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن حقوقه الثابتة والمشروعة خاصة حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على كامل الأراضي المحتلة منذ حزيران ١٩٦٧ وضمان حل قضية اللاجئين على أساس قرارات الشرعية الدولية.

هذا هو الطريق الأقصر لصنع السلام، ولإرساء حقبة جديدة في المنطقة من الازدهار والتقدم بدل استمرار الكراهية والحروب وتهديد الأمن والسلم الدوليين.
 

Email