المكابرة تسير بمصر إلى الهاوية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخيار الوحيد الذي يريده الإخوان المسلمون في مصر، وهو عودتهم لاستلام السلطة لإنهاء الأزمة يبدو مستحيل التحقيق ضمن المدى المنظور نتيجة النهج الذي اتبعوه لبلوغ الهدف، وكذلك بعد التفويض بمواجهة العنف الذي منح للجيش أول من أمس من قبل الشعب المصري الذي تظاهر منه حوالي 30 مليون شخص في مختلف ميادين وساحات المدن المصرية.

من غير المقبول أن ينكر الإخوان رفض عشرات الملايين لهم ويضعوا خراب مصر أمنياً واقتصادياً وتنموياً في كفة وعودة محمد مرسي إلى منصب الرئاسة في الكفة الأخرى، لأن تلك المعادلة باتت عصية بعد التداعيات التي وصلت حداً لم يعد المصريون يرضونه بسبب سلوكيات الإخوان ومن يوالونهم في الشارع.

مهاجمة قوات الأمن ورشقها بالحجارة والزجاجات الفارغة وإشعال النار في إطارات السيارات وحمل الأسلحة وقطع الطرقات وشل الحركة في المدن ليست مظاهر حضارية على الإطلاق وليست وسائل لإبلاغ مطالب معينة، فالتخريب لم يكن وسيلة ذات جدوى ولا يمكن له أن يكون كذلك، غير أن الإخوان المسلمين الذين شعروا بأن الخناق يضيق عليهم أصروا منذ البداية على استخدام هذا الطريق، ولعلهم مستمرون فيه مما يقود مصر إلى فترة عنف لن تهدأ قريباً إن لم يستوعب قادة الإخوان أن ذلك لن يفيد، والخيار الأسلم لهم هو المشاركة في بناء مصر وإعادة الاستقرار إليها.

منذ الانتخابات الرئاسية المصرية العام الماضي، وقبل ساعات من إعلان نتائجها هدد الإخوان بشكل مبطن بالتخريب إن لم يفز مرشحهم حين استبقوا النتائج وأعلنوا فوز مرسي في حركة لا تشير إلى فهم لمعنى العملية الديموقراطية، وإنما تشير إلى النية بتجييش الموالين للنزول إلى الساحات وتوجيه الاتهامات بأن الانتخابات لم تكن نزيهة في حال عدم فوز مرشح الإخوان.

ولأنهم مازالوا غير مدركين للديموقراطية، فقد فشلوا على مدى عام في إدارة الدولة، ولذلك حدث ما حدث، واليوم ليس أمامهم من حل إن أرادوا مصلحة مصر سوى القبول بالأمر الواقع لإنقاذ مصر وتغليب مصلحتها على مصلحة "الجماعة"، غير أنهم بحسب ما يجري على الساحة لا يريدون ذلك، وإن لم يتغير أسلوبهم فلا جديد غير استمرار الاضطرابات، وعدد القتلى خلال اليومين الماضيين أكبر شاهد على أن مصر بوجود الإخوان المكابرين في طريقها نحو الهاوية.
 

Email