محاولات تعويق المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أخيرا، وبعد جهد ومحاولات دؤوبة ومتواصلة، استطاع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ان يحرز نجاحا، تطلع الى تحقيقه على مدى الاشهر الاخيرة، وذلك من خلال التوصل الى اتفاق بين الفلسطينيين وبين اسرائيل حول استئناف محادثات السلام التي توقفت قبل نحو ثلاث سنوات بسبب تعنت حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ورفضه وقف الاستيطان في القدس والضفة الغربية المحتلة كتمهيد لاستئناف المحادثات.

ومع الوضع في الاعتبار أن استئناف محادثات السلام الفلسطينية الاسرائيلية يواجه بانتقادات مختلفة، سواء من جانب عدد من الاحزاب الاسرائيلية، بما فيها احزاب مشاركة في الائتلاف الحاكم، او من جانب حركة حماس التي تعارض بوضوح مثل تلك المحادثات وتنتقدها بشدة، الا انه يبدو ان وزير الخارجية الامريكي قد استطاع، عبر مفاوضات شاقة ومكوكية، ان يتوصل الى توافق بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بشأن الاجراءات التي سيتم اتباعها لتجاوز فجوة الثقة الكبيرة بين الجانبين وكذلك للتعامل مع المخاوف والتحفظات الخاصة بكل منهما، وكذلك وحفظ ماء الوجه، حتى لا يبدو أي منهما – أمام انصاره – وقد قدم تنازلا كبيرا، من طرف واحد. وقد استخدم كيري لتحقيق ذلك ما يتمتع به من خبرة ورصيد شخصي لدى الطرفين.

واذا كان بدء المحادثات الفلسطينية الاسرائيلية، رغم اهميته، لا يعدو ان يكون خطوة اخرى على طريق طويل، وشاقا ايضا، فان هناك الكثير ينتظر الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، حتى يتم التوصل الى اتفاق يرضى به الجانبان، ويكون قادرا في الوقت ذاته على حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بشكل عادل ودائم، في اطار حل الدولتين، ومن ثم انشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ومن المؤكد انه ليست هناك اية اوهام حول الصعوبات السياسية والفنية التي تتراكم على هذا الطريق، والتي لابد من تجاوزها والتغلب عليها ، حتى يمكن إحلال السلام الشامل والدائم في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

وفي حين تمثل التطورات الاقليمية المتسارعة، وذات الأهمية والتأثير الكبيرين على كل دول وشعوب المنطقة، حافزا آخر على السعي الجاد لتحقيق تقدم في المحادثات الفلسطينية الاسرائيلية المنتظرة، فانه من المؤسف ان تقوم قوى واحزاب اسرائيلية عدة بالعمل من اجل عرقلة هذه المحادثات وتعطيلها بكل السبل الممكنة. ومما يدعو للأسف كذلك انه برغم كل ما حدث من جهد لتأمين التوصل الى اتفاق لاستئناف المحادثات، فان الحكومة الاسرائيلية تتخذ خطوات لانشاء مزيد من الوحدات الاستيطانية، بمزاعم مختلفة، وبمبررات مفضوحة، وهو ما يثير الشكوك بالفعل في مدى جديتها، ومدى رغبتها الحقيقية في انجاح تلك المحادثات التي يعلق عليها وزير الخارجية الامريكي جون كيري أهمية كبيرة كإنجاز – في حالة نجاحها – يحسب له بالتأكيد. وايا كانت الصعوبات، الواضحة والمستترة، فإن من مصلحة الجميع، بمن في ذلك إسرائيل ، التوصل إلى سلام عادل وشامل ودائم مع الفلسطينيين في اقرب فرصة ممكنة، خاصة وان تطورات المنطقة لايمكن التنبؤ بها.
 

Email