الحوار للخروج من المأزق

ت + ت - الحجم الطبيعي

دخلت الأزمة السياسيّة في مصر خلال الساعات القليلة الماضية منعطفًا خطيرًا يُهدّد الوحدة الوطنيّة في البلاد ويُهدّد بالإطاحة بمكتسبات ثورة 25 يناير التي وحدت الشعب المصري خلف مطالبها العادلة ورسمت الطريق لقيام دولة ديمقراطيّة يحكمها القانون والدستور.

إن دعوة ووزير الدفاع الفريق عبدالفتاح السيسي المصريين إلى النزول إلى الشوارع يوم الجمعة "لإعطائه تفويضًا وأمرًا لمواجهة ما وصفه بالعنف والإرهاب المحتمل". وردّ جماعة الإخوان المسلمين على دعوة المصريين للتظاهر بأنها "إعلان حرب أهلية" ودعوتهم أنصارهم إلى التظاهر الجمعة لاستعادة ما يعتبرونه الشرعيّة سيزيد من تفاقم الأزمة في مصر ويغلق الباب أمام التوصل إلى مخرج لهذه الأزمة خاصّة مع تعثر الجلسة التمهيديّة التي عقدت أمس من أجل تحقيق المصالحة الوطنيّة والتي غاب عنها شيخ الأزهر ورأس الكنيسة القبطية إضافة إلى الإخوان وباقي القوى الإسلاميّة.

لقد أعرب مصدر مسؤول في وزارة الخارجية القطرية عن قلقه من تطوّر الأحداث في جمهورية مصر العربية الشقيقة لا سيّما بعد تزايد عدد الضحايا من المدنيين مستغربًا في الوقت نفسه استمرار احتجاز الرئيس المنتخب محمد مرسي بما يحمله من مخاطر تهدّد مكتسبات ثورة 25 يناير المجيدة.

إن ما يجب أن تُدركه جميع الأطراف السياسيّة في مصر أن السبيل الوحيد للخروج من المأزق السياسي الذي يعصف بالبلاد يتمثل بالحلّ السياسي القائم على الحوار في إطار الوحدة الوطنية، وأن مثل هذا الحل يتعذر تحقيقه في ظلّ غياب أحد طرفي الحوار واستمرار احتجاز رموزه.

الخشية في ظلّ الانقسام الذي تشهده البلاد وعدم قدرة الأطراف حتى الآن على الجلوس على طاولة الحوار للبحث عن مخرج لهذه الأزمة أن تشهد التظاهرات والتظاهرات المضادّة التي تمّت الدعوة إليها أعمال عنف واسعة يذهب ضحيّتها المواطنين من الطرفين وهو ما سيعقد الأزمة السياسيّة ويُطيل من عمرها ويُهدّد بتحوّلها إلى حرب أهليّة تُطيح بمستقبل البلاد.

نثق أن حكمة ووطنية الطرفين وحرصهما وخشيتهما على مصر ستحول دون تحوّل شوارع وميادين مصر يوم الجمعة إلى ميادين عنف وقتال وهو ما قد يُؤدّي إلى كارثة كبيرة نتائجها لن تكون في صالح أحد سوى أعداء مصر والمتربّصين بها.

إن الحوار وحسن النوايا والإيمان بأن مصر هي وطن الجميع ما سيُمكّن مصر من تجاوز أزمتها والتوصّل إلى حل سياسي يحفظ البلاد ويصون وحدتها ومكتسباتها ويستعيد دورها كقوّة مؤثرة ولاعب أساسي لا غنى عنه في المنطقة.
 

Email