الفلسطينيون.. مفاوضات أم مطالب؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

نجح جون كيري في التوصل إلى اتفاق لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أما باقي التفاصيل فستكون مع تسيبي ليفني التي ستلتقي في واشنطن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات.

تذهب ليفني إلى أميركا وخلفها 5000 وحدة سكنية قيد الترخيص تعتزم حكومة نتنياهو بناءها في الضفة الغربية، بينما يذهب صائب عريقات بمجرد مطالب من بعض الرموز الوطنية الفلسطينية على رأسها محمود عباس أبو مازن، لحل الدولتين والإفراج عن سجناء فلسطينيين رهن الاعتقال. وهنا يكمن الفارق بين الساسة الإسرائيليين ونظرائهم في الجانب الفلسطيني، فنتنياهو صرح علنا أنه لا يمكن القبول بشروط مسبقة للتفاوض مع الفلسطينيين، وألا نية لوقف الاستيطان، بل على العكس يرى هو وليفني أن هذه المفاوضات تخدم مصلحة إسرائيل في الوقت الراهن، ليتفرغ الكيان المحتل للمشكلات الإقليمية الراهنة، وعلى رأسها تداعيات الأزمة السورية وبرنامج إيران النووي. هذه الخطوة من جانب نتنياهو تعزز موقفه في الولايات المتحدة، وتقلل من الضغوط الدولية - خاصة من قبل الاتحاد الأوروبي - على إسرائيل التي باتت في الأعوام الأخيرة تعاني من عزلة دولية نوعية.

تدخل إسرائيل المفاوضات وخلفها أيضا مشروع برافر الذي يهدف إلى تطهير صحراء النقب من سكانها وتوطين عشرات الآلاف من اليهود هناك، بينما لم تتم أي مصالحة فلسطينية حقيقية في الداخل يمكن لها أن توجد مواقف واضحة بشأن العديد من القضايا كالتمسك بحدود 67 ووقف الاستيطان، وعودة اللاجئين، وهي باختصار الشروط الأساسية في مبادرة السلام العربية.

الفصائل الفلسطينية منقسمة الآن حول سعي جون كيري لبدء المفاوضات، حماس ترى أن عباس لا يمثل إلا نفسه، وهو ما يزيد من حدة الانشقاق بين هذه الفصائل. الفلسطينيون كانوا بحاجة لمصالحة داخلية قبل الدخول في أي مفاوضات مع عدوهم.

إن الاستهزاء الذي طال نتنياهو من عدة أحزاب إسرائيلية نتيجة موافقته على العودة إلى المفاوضات يفسر لنا أن الإسرائيليين لا يفكرون بجدية في هذا الأمر، ولا يسعون للمصالحة مع الفلسطينيين، فمكاسبهم تزداد يوما بعد آخر، غير أن نتنياهو صرح بأن الأمر يتعلق بالولايات المتحدة وتخفيف الضغوط الدولية عليه. لا يمكن لإسرائيل قبول المفاوضات إلا إذا استشعرت خطرا حقيقيا يهدد كيانها، ليس بالضرورة أن يكون ذلك الخطر آتيا من قنابل أو صواريخ متهالكة، بل هذه ربما كانت صالحة للتوظيف الإعلامي والسياسي أمام منتقديها، بل الخطر يبدأ من مصالحة فلسطينية حقيقية إن حدثت فستجر العدو إلى طاولة المفاوضات دون شك.
 

Email