مصر: الجمع بين الديمقراطية والاستقرار

ت + ت - الحجم الطبيعي

الانقسام العمودي في الشارع السمة السائدة في مصر بعد أكثر من عشرة أيام على عزل الرئيس المصري محمد مرسي الذي ما زالت فئات واسعة من الشعب المصري تعتبره الرئيس الشرعي وتُطالب بعودته إلى سدة الرئاسة. في الوقت الذي يقوم" النظام الجديد" بمحاولة ترسيخ أقدامه وشرعيّته والتي كان آخرها إصدار الرئيس المصري المؤقت مرسومًا جمهوريًّا بتشكيل لجنة لتعديل الدستور.

مركز الجزيرة للدراسات أصدر "تقدير موقف" حول الأزمة السياسيّة التي تشهدها مصر اعتبر فيها أن الإطاحة بالرئيس لن تمرّ بسهولة وسلاسة، وأن محاولة وضعه في ثوب الاستجابة لمطالب شعبيّة تُواجه مأزقًا عويصًا. لافتًا إلى أن أفضل نتيجة يُمكن أن يحصل عليها من قاموا وأيّدوا الإطاحة بالرئيس مرسي إدخال البلاد في حالة طويلة من عدم الاستقرار، وأن عدم الاستقرار هذه المرّة في مصر لا تتأتى عودته ثانية إلى وضع انتقالي، بل من خلل هيكلي في بنية مصر السياسية، لجملة أسباب، أهمّها أن النظام الجديد يفتقد إلى غطاء قانوني ودستوري. وأن معارضيه سيستمرّون في رفض شرعيّته.

إن التحدّي الكبير المطروح مصريًّا أمام الجميع الآن يتمثل في تحقيق هدف الجمع بين الديمقراطيّة والاستقرار وهو هدف صعب تحقيقه نتيجة الانقسام العمودي في البلاد وعدم اعتراف طرف أساسي من الأطراف بشرعيّة "النظام الجديد".

أكثر ما يخشاه الشعب المصر ويخشاه الشارع العربي أن تُؤدّي عمليات الشحن والتصعيد وشيطنة الآخر إلى اندلاع العنف المسلح، المعارض للنظام الجديد وفي هذا الصدد يُحذر مركز الجزيرة للدراسات من أنه " نظرًا لانتشار السلاح في أنحاء البلاد بصورة غير مسبوقة، والشعور بالمظلوميّة الناجمة من الإطاحة بنظام شرعي بقوّة الجيش، فإن العنف سيكون بالغًا وواسع النطاق".

لقد لعب الإعلام غير المسؤول دورًا خطيرًا في تطوّرات الأزمة المصرية فهو لم يقم بدوره في نقل الأحداث بحياديّة بل ساهم في التحريض وتشويه الحقائق خلال الأيام الأولى التي رافقت "ثورة يونيو" ودليل ذلك ما كشفه مركز "ميدل إيست مونيتور" المستقل في بريطانيا عن عمليّات فبركة بشريط مصوّر جرى بثه على نطاق واسع يظهر مشاهد إلقاء صبية من مكان مرتفع خلال اشتباكات بين أنصار الرئيس المصري المعزول ومعارضيه في منطقة سيدي جابر بالإسكندرية حيث أثبت المركز في تقرير مفصّل لكيفيّة فبركة المواد المصوّرة من خلال تحليل المونتاج وتتابع الصور مع تحليل لردود فعل من ظهروا في التسجيل وكذلك أصوات الرصاص التي صاحبت المشاهد المصورة. وهو ما يطرح علامات استفهام كبيرة وعديدة حول حقيقة ما حدث ويحدث في مصر.

إن ما تحتاجه مصر من جميع أبنائها في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخها تحكيم العقل والحوار وتقديم مصلحة البلاد والتوصّل إلى حلول توافقيّة تُخرج البلاد من عنق الزجاجة والنفق المظلم الذي دخلته.
 

Email