من أجل مصر في ذكرى حرب رمضان

ت + ت - الحجم الطبيعي

المصريون في الميادين أمس إلى ثلاثة أقسام في الذكرى الأربعين لانتصارات العاشر من رمضان المجيدة التي سجلت مشهدا استثنائيا في مسيرة الأمة العربية في العصر الحديث. وهي المرة الأولى التي تعبر هذه الذكرى على مصر وهي منقسمة حد الصراع والتقاتل منذ أربعين عاما.

ففي الوقت الذي كان فيه أنصار الرئيس السابق محمد مرسي من جماعة الإخوان المسلمين يتظاهرون للمطالبة الجيش بإرجاع مرسي الذي عزلته ثورة شعبية بمباركة ودعم الجيش مطلع الشهر الجاري كانت القوى الثورية تحافظ على صمودها في ميدان التحرير والعديد من ميادين مصر وتحتفل بجمعة النصر. أما الجيش المصري الذي كان قد عبر قبل أربعين عاما قناة السويس باتجاه خط برليف مسجلا أهم انتصار عربي على العدو الإسرائيلي فلم تمر عليه الذكرى دون أن يقف وقفة احتفال واستذكار للعبور.


لكن كان على الجيش أمس أن يراقب المشهد المصري عن كثب فجماعة الإخوان زحفت إلى محيط قصر الاتحادية وحدثت اشتباكات بين المحتجين وبين قوى الأمن الذي اضطر فيما يبدو إلى استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع.  لكن المشهد الصعب الذي كان على الجيش المصري أن يرقبه بدقة هو ما يحدث في سيناء.. والذي يعتبر أهم تحد أمام الجيش في المرحلة القادمة.


وإذا كان بعض المحللين يرون أن سيطرة الجيش المصري على الوضع في سيناء يقلل الضغط عليه في ميادين الإخوان فإن المؤكد أن القضاء على البؤر المتشددة والمتطرفة في منطقة القناة سيعطي مصر والدول المجاورة الكثير من الاستقرار وسيقضي على تجمعات تتكاثر يوما بعد يوم وهدفها الأول خلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة وخاصة مصر.


والحاصل أن على المصريين اليوم، بكافة أطيافهم وخاصة جماعة الإخوان المسلمين أن يتركوا الميادين ويعودوا من أجل أن تدور عجلة العمل والانتاج مرة أخرى. فبقاؤهم في رابعة العدوية منتظرين العبور الثاني كما يقولون لن يزيد المشهد المصري إلا تأزما والتباسا، ويشغل الجيش بقضايا هامشية فيما تواجهه اليوم تحديات كبيرة، فسيناء بعد أربعين سنة بحاجة إلى وقفة قوية من الجيش ومن كل المصريين وإلا فإن الدماء التي سالت عليها ستذهب هباء حينما تستوطنها الجماعات الإرهابية والمتشددون والمهربون وتجار المخدرات والسلاح.


سير الأمور في المرحلة القادمة من شأنها ان ترسم معالم المشهد في مستقبل مصر، فهناك الكثير من الاستحقاقات الديمقراطية والدستورية أهما بناء دستور يليق بمصر وتاريخها، وإجراء انتخابات نزيهة تتويجا لثورة 25 من يناير ولما حدث يوم 30 يونيو الماضي وإلا فإن مصر ستدخل في دوامة من الصعب الخروج منها، وليس في مصلحة العرب والأمة الإسلامية أن تبقى مصر خارج محيطها وخارج تاريخها الحقيقي.
 

 

Email