خطوة اوروبية ايجابية...واستياء اميركي مستتر

ت + ت - الحجم الطبيعي

اكد الاتحاد الاوروبي رفضه للاستيطان بطريقة عملية بعد ان اكتفى حتى الان بالكلام والاستنكار، فقد اتخذ قراراً يبدأ تنفيذه غداً الجمعة، يستثني فيه اي تمويل او تعاون مع الاستيطان في الاراضي المحتلة منذ عام ١٩٦٥ في اية اتفاقات بينه وبين اسرائيل، ويشمل القرار ايضاً القدس الشرقية مما يزيد من اهميته.

هذه الخطوة الاوروبية الايجابية، التي وصفها مسؤول اسرائيلي كبير انها بمثابة «هزة ارضية» تنص صراحة على ان حدود اسرائيل هي ما قبل الرابع من حزيران ١٩٦٧، مما يعني، ان اية اتفاقات قادمة مع الاتحاد الاوروبي ستكون اسرائيل مضطرة بموجبها الى القبول رسمياً ان الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، هي ارض محتلة، او لن تكون اتفاقات جديدة اذا رفضت ذلك، وهذه ستكون معضلة كبرى بسبب عمق العلاقات وتعدد الاتفاقات بين الجانبين.

وقد سبقت هذا التحرك الاوروبي حملات رسمية وشعبية لمقاطعة منتجات المستوطنات، كما قدم ممثلو الاتحاد الاوروبي والمؤسسات المختلفة التابعة له في الاراضي الفلسطينية، تقارير عديدة تؤكد مخاطر الاستيطان وانعاكاساته المدمرة على حياة المواطنين الفلسطينيين ومستقبل السلام والاستقرار في المنطقة، وهذا كله، وبالتأكيد، قد مهد الطريق امام هذه الخطوة الاوروبية.

في الجانب الفلسطيني كان الترحيب قوياً وفي الجانب الاسرائيلي كان الغضب اقوى، وتزامن كل ذلك مع المخططات لاقامة المزيد من المشاريع الاستيطانية وبينها اكثر من الف وحدة في منطقة رام الله، ومع جولة وزير الخارجية الاميركي جون كيري الجديدة واجتماعاته مع الرئيس عباس والملك عبد الله في عمان وكذلك لجنة المبادرة العربية للسلام ومع رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو الذي لن يقدم شيئاً جديداً سوى تكرار اقواله الجوفاء المعروفة عن استعداده لاستئناف المفاوضات «فورا ودون شروط» وهو الذي يضع آلاف الشروط والعراقيل امام اي تقدم نحو السلام، وبالتالي فإنه سوف يحرج كيري والادارة الاميركية عموماً بمواقفه المتشددة وتمسكه بالاستيطان والتوسع والتهويد والتهجير وكل ما يتعارض مع الذي يسعى اليه الوزير الاميركي.

لابد من الاشارة الى ان الموقف الاوروبي ضد الاستيطان لا يمكن ان يكون منفصلاً عن الموافقة الاميركية وهو مؤشر عملي غير معلن، عن الاستياء الاميركي من المواقف الاسرائيلية...فهل تدرك اسرائيل ذلك، وهل تبدأ بمراجعة سياساتها ام انها ستعمل جاهدة من خلال مؤيديها وحلفائها ونفوذها في الولايات المتحدة والغرب عموماً، الى تمييع هذا الموقف الاوروبي الجديد وافراغه من مضمونه؟

تبقى كلمة اخيرة، وهي ان هذه فرصة حقيقية لممارسة السياسة العربية الرسمية نوعاً من الضغوط والتأثير لتدعيم الموقف الاوروبي وضد الغطرسة الاسرائيلية.
 

Email