البدو في مواجهة الاستيطان !

ت + ت - الحجم الطبيعي

تمضي إسرائيل في مشاريعها الاستيطانية وإتقانها للتفنن في أساليب الخداع والتمويه التي أدمنتها منذ عقود وهي تصادر يوما بعد آخر، الجديد من الأراضي العربية عنوة وجهارا، وما المشروع المسمى “خطة برافر” إلا جزء من هذه المشروعات المستمرة التي تهدف لإزالة الهوية العربية عن فلسطين وتحويلها إلى “الأرض الموعودة”.

والخطة التي كانت تسمى في السابق “تسوية أوضاع الاستيطان البدوي في النقب” اسمها اليوم “خطة برافر” وهو قاض إسرائيلي ترأس اللجنة التي صاغت الخطة والتي تهدف ببساطة إلى مصادرة أراضي النقب التي يعيش عليها العرب البدو، وإزالة نحو أربعين قرية وتهجير حوالي 90 ألف إنسان، الأمر الذي يشير إلى حصر العرب الذين يشكلون 30 بالمائة من سكان النقب في مساحة لا تتعدى واحد بالمائة فقط من أراضي هذه المنطقة.

ومعروف أن هذه المجموعات البشرية لها حياة وسلوك خاص بها، كما أن نمط معيشتها يعتمد على حراك مختلف عن المجموعات الأخرى، وبالتالي فإن تدخل الحكومة الإسرائيلية بمثل هذه الطريقة يهدف إلى إعادة تشكيل هذه المجموعات وفق هوية جديدة تخدم مشروع الدولة العبرية، وبالإضافة إلى ذلك فإن الهدف الاقتصادي يبدو جليا والذي لا يمكن فصله بأية حال عن المضمون السياسي العام الذي تتحرك فيه المشروعات الإسرائيلية بغض النظر عن مضمونها ومن تستهدف.

وإذا كانت إسرائيل في الأصل لا تعترف بالبدو الذين يبلغ عددهم حوالي 200 ألف نسمة، ونصفهم يسكنون منطقة النقب، وهي لا تقدم لهم أي نوع من الخدمات سواء المياه أو الكهرباء، بالإضافة إلى الشح الكبير  في الخدمات الصحية والتعليمية، فإن الاهتمام بهذه المجموعة البشرية غائب من الأساس. وبالتالي لا يمكن أن نفهم أن تجميعهم في مكان واحد بسبب التطوير والنهوض بالإنسان. وعلى العكس فإن المطلوب هو كما يؤكد أعضاء عرب بالكنيست الإسرائيلي، تجميع هؤلاء البدو في مكان واحد للاستفادة من أماكنهم وقراهم في بناء بلدات يهودية بدلا منها.

ومدرك أن إسرائيل تقوم بما ينفع أهلها وبالطريقة التي تراها مناسبة وهي لا تشاور أهل الأرض ولا تلقي لهم بالا، وهذا أتضح في هذه الخطة، التي تمت بعيدا عن أية مشاورات مع السكان الذين ستقوم الحكومة الإسرائيلية على تهجيرهم.

والمشهد الآن يرتد مظاهرات واعتقالات ومصادرة لحقوق أناس لهم جذور في الأرض، التحفوا سماءها منذ مئات السنين، وليس ثمة من يسمع صوتا ولا يجيب لهم أمرا، ما دام الطريق إلى الحقوق يبدو محفوفا بالمخاطر في ظل الصمت العربي.

وهكذا فإن المشروع المسمى “خطة برافر” هو صورة جديدة من صور التحضير للمشروعات الاستيطانية الممتدة التي لن ينتهي أمرها، مادام الطريق إلى السلام معطلا، وفي ظل غياب الوضع الواضح للهوية الفلسطينية التي تهدد فعليا إزاء الممارسات الإسرائيلية اليومية التي باتت جزءا من تفاصيل الواقع الحياتي للعرب سواء في البدو أو المدن أو الأرياف أو أي مكان من الأراضي المحتلة.
 

Email