مصر والغد والمصالحة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لن تسترد الحياة السياسية في مصر عافيتها بينما لايزال هذا الانقسام حاصلا، يعبر عنه معتصمون في ميدانيي التحرير ورابعة العدوية، والتشاحن بينهما على أشده، وكذلك بينما الأوضاع في سيناء بهذه الخطورة، حيث يتعرض جنود مصريون يوميا لاعتداءات واستهدافات بأسلحة وأعيرة نارية مختلفة، وهو ما يعد مساسا بالأمن القومي المصري.

وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن هناك تصدّعا لمسلّمات وقواعد في السياسة والفكر كانت قد حكمت العالم منذ القرن الماضي، فإن النخب السياسية على مختلف مشاربها ينبغي أن تأخذ في الاعتبار هذه الحقائق، فدخول مصر في نفق مظلم، ليس فقط تهديدا للأمن الوطني المصري، بل نراه تهديدا للمنطقة برمتها، وبالتالي فليس هناك وسيلة لرتق هذه الشقوق في الحال المصري الراهن إلا بمصالحة وطنية شاملة، يتوقف عندها الاستهداف المتبادل.

ومن ثم فإن دعوة أعضاء بمجلس الشورى المصرى المنحل المنتمين إلى التيارات الإسلامية برلمانات العالم لمساندة الشعب المصري الذي فقد مؤسساته الدستورية بسبب نظام انقلابي على ديمقراطيته الوليدة، معلنين تمسكهم «بشرعية مجلس الشورى».

يقابل ذلك تمسك الطرف الآخر بأن أي سلطة لا تستمد مشروعيتها من الشعب لا يمكن أن تحقق شيئا، كما أن بدء النيابة المصرية في مباشرة تحقيقات موسعة في بلاغات تلقتها ضد الرئيس المعزول، محمد مرسي، وعدد من قيادات حزب الحرية والعدالة، ومكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين، في قضية اتهامهم بارتكاب جرائم التخابر وقتل المتظاهرين وغيرها من الاتهامات، هي جميعها توالي لا تنذر بقبول كل الأطراف بالدعوة للمصالحة الشاملة، رغم أن هذه المصالحة هي المخرج من هذا الوضع البالغ التأزم للخروج بمصر إلى مرفأ آمن تنتهي معه هذه القلاقل.

ان المصالحة الوطنية الشاملة ليست دعوة تتعالى على الواقع، ولكنها في واقع الأمر متن الصواب الذي ينبغي أن يتنازل لأجله كل فصيل سياسي من أجل مصر المستقرة. 
 

Email