ما زال تردد القوى الكبرى يؤجل حل الأزمة السورية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تردد الولايات المتحدة في التدخل الحازم والقوي لحسم الأزمة السورية يزيد من تدهور الأوضاع على المستوى الداخلي في البلد الذي يعاني أهله منذ حوالي عامين ونصف العام، وحين يؤكد الرئيس الأميركي باراك أوباما بحسب بيان للبيت الأبيض أول من أمس التزام بلاده "بتقديم الدعم لائتلاف المعارضة السورية والمجلس العسكري الأعلى لتعزيز المعارضة"، فإن هذا الأمر سبق أن أعلنته الولايات المتحدة أكثر من مرة ثم تراجعت من غير توضيح الأسباب الجوهرية لتراجعها، غير أن المؤشرات تفيد بضغوط من الكونجرس خوفا من وصول الأسلحة إلى المتطرفين الذين لم يكن لهم وجود على الساحة السورية حتى فترة متأخرة من عمر الثورة، مما يعني أن تأخير الدعم كان أثره سلبيا على الشعب السوري.

إلى ذلك، فحين تنشر وكالات الأنباء أن مصادر في مجلس الأمن القومي الأميركي أكدت أخيرا أنه "تم تجميد التمويل الذي تعتزم الحكومة الأميركية دفعه ثمنا لشحنات الأسلحة التي سترسل للمعارضة السورية بشكل موقت"، فهذا يوضح فعليا مدى التردد الأميركي وعدم القدرة على اتخاذ قرار واضح لمواجهة الدعم الروسي المطلق للنظام السوري سياسيا وعسكريا.

كما تناست الصين وهي تدعو الخميس الماضي إلى وقف فوري لإطلاق النار في سورية وتطالب الأطراف السورية بالحوار في جنيف، أنها أسهمت بـ"الفيتو" في دعم النظام ضد مطالب الشعب، ولعل الأفضل لو أنها ضغطت على النظام ليقرأ الحقائق بدل المكابرة.

من جهة أخرى، تأتي التصريحات من بريطانيا بأنها لم تتخذ بعد أي قرار لتسليح المعارضة السورية لتضيف التردد البريطاني إلى التردد الأميركي مما يزيد من تعقيد الوضع، ومن أمد الصراع وبالتالي ارتفاع عدد الضحايا، وكان الأحرى بالقوى الكبرى الالتفات منذ البداية لقرارات جامعة الدول العربية المتعلقة بالأزمة السورية لأنها بنيت على حيثيات تنطلق من معرفة وثيقة بالأزمة وطرق إنهائها، ولذلك كان لعدم التجاوب الدولي مع مطالبات ومقترحات الجامعة العربية ضرر كبير تسبب في تعقيد الأوضاع، وظهور الجماعات التي كانت وهما اخترعه النظام السوري واعتبر نفسه يقاتله، وعندما صارت حقيقة لم يعد قادراً على مواجهتها. ورغم ذلك لا حل للأزمة السورية إلا بتوافق دولي، لتبدأ بعده مرحلة لملمة الجراح والبناء.
 

Email