رمضان سورية بلا سحور ولا إفطار!

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشير بعض التقديرات إلى أن ما يزيد على 100 ألف شخص قتلوا في الصراع الدائر في سورية حتى الآن. ورغم قسوة هذه الحقيقة ومرارتها، إلا أن الواقع يفرض العناية أكثر بمن لا يزالون على قيد الحياة، والذين لم يعد يشغلهم الخوف من رصاصة قناص أو شظية صاروخ أو انفجار سيارة مفخخة بقدر قلقهم على تأمين لقمة عيشهم اليومية في أبسط أشكالها وصورها.


ولعل ما يزيد الأمر سوءا هو التقسيم الذي تعاني منه المناطق الساخنة في سورية، مثل حمص وحلب، والذي سرع عملية الانهيار الاقتصادي وساعد على ارتفاع الأسعار أضعافا مضاعفة في بعض المناطق. المؤلم هنا أن من يدفع الثمن في جميع الأحوال هم أبناء الشعب من الفقراء والبسطاء. فلا جيش النظام يتأثر بالحصار الاقتصادي ولا مسؤولوه يعانون من شح المواد الغذائية في بيوتهم. وكذلك الأمر بالنسبة لجماعات المعارضة المسلحة المختلفة، فهم يحصلون على مخصصاتهم من الطعام والشراب بغض النظر عن مناطق تواجدهم.

أما الأثرياء فهم إما غادروا مناطقهم منذ زمن ليعيشوا في مناطق أكثر أمنا داخل سورية أو خارجها، وإما أنهم قادرون على شراء المواد الغذائية مهما ارتفع ثمن ربطة الخبز وكيلو البطاطا.

الفقراء هم أول من يموت وأول من يجوع في مثل هذه الصراعات، وعلى كاهلهم يقع عبء نقل البلد إلى بر الأمان إن وجد.


مع قدوم رمضان، لعبت عوامل عديدة دورها في زيادة معاناة الشعب السوري الصابر. فقد انخفضت قيمة الليرة السورية إلى الربع، وازداد الحصار الخانق على أبناء المناطق الساخنة، ورافق ذلك نهم بعض تجار الأزمات الذين لا يهمهم سوى استغلال هذه المأساة لتحقيق أكبر هامش من الأرباح ولو تسبب ذلك في حرمان أبناء الطبقات الفقيرة من قوت يومهم.


فقدت سورية كل مصادر دخلها تقريبا بسبب الصراع الدائر، فلم تعد قادرة على تصدير النفط أو القمح أو القطن أو بعض المنتجات الصناعية، كما فقدت الدخل الذي كانت توفره صناعة السياحة للبلد، خاصة في فصل الصيف. لذلك يتعين على المجتمع الدولي إيجاد وسيلة لتأمين المواد الأساسية لفقراء سورية بأسرع وقت ممكن.


رمضان سورية هذا العام بلا "طبلة المسحر" وبلا أضواء وزينة. لكن الأهم أن بعض السوريين لا يجدون ما يتسحرون عليه، ولا ما يفطرون عليه. حتى الماء والتمر أصبح عملة نادرة في بعض المناطق.

 

Email